حديث خيثمة بن عبد الرحمن، عن أبيه 3
مستند احمد
حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أبو وكيع، عن أبي إسحاق، عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة، أن أباه عبد الرحمن ذهب مع جده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اسم ابنك؟» قال: عزيز. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسمه عزيزا، ولكن سمه عبد الرحمن» ثم قال: «إن خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن والحارث»
الأسماءُ دَلائلُ على مُسمَّياتِها، ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ للمسْلمِ أنْ يكونَ اسمُه جميلًا بعيدًا عن القُبحِ، وليْس فيه معنًى مِن مَعاني الشِّركِ، أو المعاني الجاهليَّةِ
وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَحبَّ الأسماءِ إلى اللهِ تعالَى الأسماءُ المعبَّدةُ للهِ سُبحانه، مثلُ «عبدِ اللهِ»؛ فهو أحَبُّ إليه سُبحانَه مِن غَيرِه؛ لأنَّ فيه إقرارًا للهِ تعالَى بوَصفِه اللَّائقِ به سُبحانَه والَّذي لا يَليقُ بغَيرِه، وليْس لأحَدٍ مِن الخَلْقِ فيه حقٌّ ولا نَصيبٌ، وهو أُلوهِيَّتُه لخَلْقِه سُبحانَه، فمَدلولُ الاسمِ (عبْدِ اللهِ): تَعبيدُ صاحبِه للهِ تعالَى، ولأنَّ فيه اعترافًا بالعبْديَّةِ والتَّذلُّلِ والخضوعِ، وفيه تَفاؤلٌ بأنْ يكونَ المسمَّى عابدًا له تعالَى.
ولَمَّا كانتْ رَحمتُه سُبحانَه تَسبِقُ غضَبَه، وكانتِ الرَّحمةُ أحبَّ إليه مِن الغَضَبِ، كان اسمُ «عبدُ الرحمنِ» أحبَّ إليه مِن عبدِ القاهرِ ونحوِها مِن أسمائِه الحُسنى، وقدِ اشتَمَلَ اسمُ (عبدِ الرحمنِ) على مَعاني العُبوديَّةِ، والتَّذكيرِ الدَّائمِ بمَقامِ الذُّلِّ بيْن يدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ، الَّذي يَسْتدعي طَلَبَ الرَّحمةِ مِن اللهِ دَومًا
وإذا ثبَتَ فَضلُ هذينِ الاسمينِ، وقدْ سمَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَدَه إبراهيمَ؛ فلعلَّه لبَيانِ جَوازِ التسمِّي بأسماءِ الأنبياءِ، فسَمَّى باسمِ نَبيِّ اللهِ إبراهيمَ؛ مَحبةً له، وطلَبًا لاستِعمالِ اسمِه وتَكرُّرِه على لِسانِه، وإعلانًا لشَرَفِ الخَليلِ، وتَذكيرًا للأُمَّةِ بمَقامِه الجَليلِ، وقيل: يَلحَقُ بهذينِ الاسمينِ كلُّ ما كان مِثلَهما، مِثلُ عبدُ الملِكِ، وعبدُ الصَّمدِ، وعبدُ الغَنيِّ، وغيرِها