حديث رجل من الأنصار2
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا أنس بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، قال: " نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرق النسا، أن تؤخذ ألية كبش عربي، لا عظيمة، ولا صغيرة، فيذيبها، فتجزأ ثلاثة أجزاء، فيشرب على ريق النفس كل يوم جزء "
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا ومُربِّيًا، وكان ينصَحُ أصحابَه ببعضِ النَّصائحِ الصِّحيَّةِ لبعضِ الأمراضِ، وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، فيقولُ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: "شِفاءُ عِرْقِ النَّسا" وهو مرَضٌ، أو وجَعُ يبتدِئُ مِن مَفْصِلِ الوَرِكِ، وينزِلُ مِن خلْفٍ على الفخِذِ، وربَّما على الكعْبِ، "ألْيَةُ شاةٍ أعرابيَّةٍ"، أي: دواؤه أنْ يُؤْتَى بشَحمِ أردافِ شاةٍ مِن غنَمِ الباديةِ، "تُذابُ، ثمَّ تُجَزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ، ثمَّ يُشْرَبُ على الرِّيقِ في كلِّ يومٍ جزءٌ"، وقيل: خَصَّ ألْيَةَ شاةِ الباديةِ؛ لقِلَّةِ فُضولِها، وصِغَرِ مِقدارِها، ولُطْفِ جوهرِها، وخاصيَّةِ مَرعاها؛ لأنَّها ترعى أعشابَ البَرِّ الحارَّةَ، فتُذابُ لتصيرَ دُهنًا، فتُجزَّأُ ثلاثًا، ثمَّ يُشْرَبُ منها كلَّ يومٍ جزءٌ، قيل: إنَّ هذا العلاجَ مِن أنفَعِ الأدويةِ لعلاجِ عِرْقِ النَّسا؛ فإنَّ هذا المرضَ يحدُثُ مِن يُبْسٍ، وقد يَحدُثُ مِن مادَّةٍ غليظةٍ لزِجَةٍ، فعلاجُها بالإسهالِ، والألْيَةُ فيها الخاصيَّتانِ: الإنضاجُ والتَّليينُ.
قيل: إنَّ مرَضَ عِرْقِ النَّسا الواردَ هنا غيرُ مُرادفٍ تمامًا لتشخيصِ مُعيَّنٍ في الطِّبِّ الحديثِ، ويَصعُبُ تعيينُه بيَقينٍ إلَّا بالاستشاراتِ الطِّبيَّةِ الحديثةِ لمَن أراد الاستفادةَ مِن هذا الحديثِ، وأقربُ ما يوجَدُ له هو أحدُ أوجاعِ المفاصِلِ الَّذي ينتُجُ عنه انضغاطُ عصَبٍ يُسمَّى: عِرْقُ الأنسرِ؛ فيَنبغي التَّنبُّهُ لمثْلِ هذا.