حديث رجل من بني سلي2
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا المبارك بن فضالة، حدثنا الحسن، أخبرني شيخ من بني سليط، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، لأكلمه في سبي أصيب لنا في الجاهلية، فإذا هو يحدث القوم وحلقة قد أطافت به، فإذا هو قاعد عليه إزار قطر (1) له غليظ، أول شيء سمعته منه وهو يقول (2) بيده هكذا، وأشار المبارك بإصبعه السبابة: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا (3) " أي في القلب "
الصَّلاةُ مِن أهَمِّ فرائِضِ هذا الدِّينِ؛ فهيَ صِلةٌ بَينَ العَبدِ ورَبِّه، وهيَ عِمادُ الدِّينِ والفارِقُ بَينَ المُسلمِ والكافِرِ، ولَم يَأتِ مِنَ النُّصوصِ في شَيءٍ بَعدَ التَّوحيدِ مِثلُ ما جاءَ في الأمرِ بالصَّلاةِ والمُحافظةِ عليها وإحسانِ أدائِها بشُروطِها وأركانِها وسُنَنِها، ومِمَّا جاءَ فيها أنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به العَبدُ، أي: يَومَ القيامةِ، صَلاتُه، أي: يُبدَأُ في السُّؤالِ عن صَلاتِه المَفروضةِ، فإن كان أتَمَّها، أي: بأن أدَّاها كامِلةً بشُروطِها وأركانِها وسُنَنِها، ولَم يَنتَقِصْ مِنها شَيئًا، كُتِبَت له تامَّةً، أي: كُتِبَ له ثَوابُها كامِلًا في صَحيفةِ أعمالِه، وإن لَم يَكُنْ أتَمَّها، أي: بأن أخَلَّ بها في شُروطِها أو أركانِها أو سُنَنِها وقَصَّرَ فيها مِنَ الخُشوعِ والأذكارِ والأدعيةِ، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: انظُروا هَل تَجِدونَ لعَبدي مِن تَطَوُّعٍ فتُكمِلوا بها فريضَتَه؟ أي: هَل له مِن صَلاةِ نافِلةٍ يُكمَلُ به النَّقصُ الحاصِلُ في صَلاتِه. ثُمَّ الزَّكاةُ كذلك، أي: أن يُبدَأَ ويُسألَ عن زَكاتِه هَل أدَّاها وأخرَجَها كامِلةً غَيرَ مَنقوصةٍ، فإن كانت تامَّةً كُتِبَت له تامَّةً، وإن كان أخَلَّ فيها وقَصَّرَ في أدائِها، نُظِر هَل له تَطَوُّعٌ يُكمَلُ به النَّقصُ الحاصِلُ في زَكاتِه المَفروضةِ. ثُمَّ تُؤخَذُ الأعمالُ على حَسَبِ ذلك، أي: أنَّه يُحاسَبُ في بَقيَّةِ أعمالِه الأُخرى مِثلَ ذلك، فإنِ انتَقَصَ مِن عَمَلِه الفَرضِ شَيئًا أُخِذ مِنَ التَّطَوُّعِ ليُكمَلَ به الفريضةُ.
وفي الحَديثِ بَيانُ عِظَمِ مَكانةِ الصَّلاةِ مِنَ الدِّينِ.
وفيه بَيانُ أوَّلِ ما يُحاسَبُ به العَبدُ يَومَ القيامةِ.
وفيه التَّرغيبُ مِنَ الاستِكثارِ مِن نَوافِلِ العِباداتِ.
وفيه إثباتُ صِفةِ الكَلامِ للَّهِ تَعالى.
وفيه فضلُ اللهِ وإحسانُه على عِبادِه .