حديث سهل بن سعد، عن أبي بن كعب3
مسند احمد
حدثناحدثنا هشام بن عبد الملك، وعفان، قالا: حدثنا أبو عوانة، عن الأسود بن قيس، قال عفان، في حديثه: حدثنا الأسود بن قيس، عن نبيحعن ابن عباس، أن أبيا، قال لعمر: "يا أمير المؤمنين، إني تلقيت القرآن ممن تلقاه، - وقال عفان: ممن يتلقاه -، من جبريل وهو رطب "
كان أُبَيُّ بنُ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أقرأَ الصَّحابةِ للقُرآنِ بشَهادةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونال مزيَّةً عُظمى، وهي أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ سمَّاه باسمِه وأمَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يقرَأَ عليه بَعْضَ القُرآنِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ لِأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رضِيَ اللهُ عنه: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ، والمراد: قِراءة تعليمٍ؛ فإنَّ المعلِّمَ إذا قرَأَ والمتعلِّمُ يَسْمَعُه، كان ذلك أشَدَّ اعتِمادًا عليه مِن أنْ يَقرَأَ المتعلِّمُ، وكان فيه تَعليمُ حُسنِ التَّرتيبِ والتَّأديةِ، وكَيفيَّةِ التَّرتيلِ، وسائرِ هَيئاتِ القراءةِ.
وَقَرَأَ عَلَيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُورةَ البيِّنةِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}.
فَسَألَهُ أُبَيٌّ رضِيَ اللهُ عنه: هَلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ سَمَّاني لَكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَأكَّدَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَلامَه: سَمَّاكَ اللهُ لي. فَبَكى أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ رضِيَ اللهُ عنه فَرَحًا.
وقيل في الحِكمةِ مِنَ الأمرِ بقِراءتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُبَيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه سُورةَ البيِّنةِ: أنَّ اللهَ سُبحانه لَمَّا قدَّر أنْ يَجعَلَ أُبيًّا أقرَأَ الصَّحابةِ، أمَر اللهُ نَبِيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَقرَأَ عليه؛ لِيَتَّصِلَ السَّنَدُ مِن أُبيٍّ إلى ربِّ العالَمين، فيُلقِّبَه بالأقرَأِ.
وقيل: أن تستَنَّ الأُمَّةُ بذلك في القراءةِ على أهلِ الفَضْلِ، لا يأنَفُ أحَدٌ مِن ذلك.
وقيل: للتنبيهِ على مكانةِ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وأهلِيَّتِه لأخْذِ القرآنِ عنه، وكان رَضِيَ اللهُ عنه بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأسًا وإمامًا في القُرآنِ، ويُذكَرُ له هذه المنزِلةُ الرَّفيعةُ.
وأمَّا وَجهُ تخصيصِ سُورةِ البَيِّنةِ بالقِراءةِ: فلِما فيها من ذِكرِ المعاشِ مِن بيانِ أحوالِ الدِّينِ مِن التوحيدِ والرِّسالةِ، وما ثبت به الرِّسالةُ من المعجِزةِ التي هي القرآنُ وفُروعُه من العبادةِ والإخلاصِ، وذِكْرِ مَعادِهم من الجنَّةِ والنَّارِ، وتقسيمِهم إلى السُّعَداءِ والأشقياءِ، وخَيْرِ البَرِيَّةِ وشَرِّهم، وأحوالِهم قبل البَعثةِ وبَعْدَها، هذا كُلُّه مع وَجازةِ السُّورةِ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: قِراءةُ الفاضِلِ عَلى المَفضولِ.
وفيه: البُكاءُ لِلسُّرورِ والفَرَحِ مِمَّا يُبَشَّرُ الإنسانُ به وَيُعطاهُ مِن مَعالي الأُمورِ.