حديث شداد بن أوس 15
مستند احمد
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا، أو قال في دبر صلاتنا: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأستغفرك لما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم»
خَلقَ اللهُ الإنسانَ محبًّا للدُّنيا وزينتِها من الأموالِ والأولادِ، وحَذَّرَهم من الاغتِرارِ بذلك، وأن يَكونَ حِرصُ المَرءِ على الآخِرةِ، وألَّا يَغتَرُّوا بجَمعِ النَّاسِ لحُطامِ هذه الدُّنيا من ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ؛
ولهذا أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه أنَّهم إذا رَأوا النَّاسَ قد كَنَزوا الذَّهَبَ والفِضَّةَ، أي: جَمَعوها وادَّخَروها، لكَونِهما من أعظَمِ مُتَعِ الدُّنيا، فعليهم بكَنزٍ عَظيمٍ خَيرٍ من هذا الكَنزِ الذي مَعَ النَّاسِ، ألا وهي كَلِماتٌ عَظيماتٌ مُبارَكاتٌ، وأن يَدعوا اللهَ بها ويَسألوه الثَّباتَ في الأمرِ -أي: الدَّوامَ والاستِمرارَ على الدِّينِ والاستِقامةَ عليه- والعَزيمةَ على الرُّشدِ بعَقدِ القَلبِ على الصَّلاحِ والفلاحِ والصَّوابِ، وشُكرَ نِعمَتِه بأن يوفِّقَهم لشُكرِها والعَمَلِ بها، وأن يوفِّقَهم لحُسنِ عِبادَتِه: بأن يوقِعوها على الوَجهِ الحَسَنِ المَرضيِّ، ويَسألوه القَلبَ السَّليمَ: الخاليَ من العَقائِدِ الفاسِدةِ والشَّهَواتِ المُحَرَّمةِ، وأن يَسألوه اللِّسانَ الصَّادِقَ الذي يَقولُ الصِّدقَ ويَبتَعِدُ عن الكَذِب، وأن يَسألوه من خَيرِ ما يَعلمُه سُبحانَه ولا يُعلمونَه، وأن يَستَعيذوا به من شَرِّ ما يَعلمُه سُبحانَه ولا يَعلمونَه، ثمَّ خَتَمَ هذا الدُّعاءَ بأن يَستَغفِروه ممَّا يَعلمُه سُبحانَه من ذُنوبِهم وما فرَّطوا فيه؛ فإنَّه سُبحانَه علَّامُ الغُيوبِ، أي: يَعلمُ الأشياءَ الخَفيَّةَ الدَّقيقةَ
وفي الحَديثِ بَيانُ فَضلِ هذه الدَّعَواتِ المُبارَكاتِ
وفيه تَعليقُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه بأمرِ الآخِرةِ، وبعَدَمِ الحِرصِ على الدُّنيا