‌‌حديث عبد الله بن سرجس11

مسند احمد

‌‌حديث عبد الله بن سرجس11

حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن عبد الله بن سرجس، أنه كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال: " اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، ومن الحور بعد الكور، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال " قال: وسئل عاصم عن الحور بعد الكور؟ قال: " حار بعد ما كان " 

كانَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَذكُرُ اللهَ كلَّ وقتٍ وحِينٍ، في الحَضَرِ والسَّفرِ، صباحًا ومَساءً، قبلَ النَّومِ وبعدَه، قبلَ الطَّعامِ وبعدَه، يذكُرُ اللهُ بقَلبِه ولِسانِهِ، قائمًا وقاعِدًا ومُضطجِعًا.
وهذا الحَديثُ يُبيِّنُ أحدَ المواطِن الَّتي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخُصُّها بالذِّكرِ، وهو السَّفَرُ؛ فيقولُ عبدُ اللهِ بنُ سَرْجِسَ رضِيَ اللهُ عنه: "كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أراد سَفرًا"، أي: خرَجَ إليه، "قال: اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن وَعْثاءِ السَّفَرِ"، أي: مِن شِدَّتهِ ومشَقَّتِه، "وكآبةِ المُنقلَبِ"، أي: أنْ أَنقلِبَ إلى أَهلِي كَئيبًا حزينًا؛ لآفَةٍ تُصيبني في سَفرِي، أو لعَدمِ قَضاءِ حاجتي مِن السَّفَرِ، "والحَورِ بعدَ الكونِ"، وفي روايةِ مُسلمٍ: "والحَوْرِ بعدَ الكَوْرِ"، أي: مِن النُّقصانِ بعدَ الزِّيادَةِ، أو مِن فَسادِ الأُمورِ بعدَ صَلاحِها.

 وقيل: مِن الرُّجوعِ عن الجَماعةِ بعدَ أنْ كُنَّا منهم، وأصْلُه مِن نَقْضِ العِمامةِ بعدَ لَفِّها وكَورِها، "ودَعوةِ المَظلومِ"؛ لأنَّها ليسَ بيْنها وبيْنَ اللهِ حِجابٌ، "والمَنظَرِ في الأَهلِ والمالِ"، أرادَ ألَّا يَرى فِي أهْلِه ومالِه مَكروهًا يَسوءُه، أو أنْ يَطمَعَ ظالمٌ أو فاجِرٌ في المالِ والأَهلِ. قال: "وإذا رجَعَ قال مِثْلَ ذلك"، أي: مِثْلَ هذا الدُّعاءِ في رُجوعِه مِن السَّفرِ، "إلَّا أنَّه يَقولُ: وسُوءِ المَنظَرِ مِن الأهْلِ والمالِ"، أي: بزِيادةِ لَفظِ: "سُوء".
وفي رِوايةِ الإمامِ أحمَدَ أنَّه كان يَقولُ: "وسُوءِ المَنظَرِ في المالِ والأهلِ، وإذا رجَعَ قال مِثْلَها، إلَّا أنَّه يَقولُ: وسُوءِ المَنظَرِ في الأهلِ والمالِ، يبدَأُ بالأهلِ"، أي: يُقدِّمُ لفْظَ الأهْلِ على لفْظِ المالِ في الدُّعاءِ، وهذا لأنَّه في الرُّجوعِ يكونُ مُتوجِّهًا إلى أهْلِه ومُشتاقًا إليهم كما يَشتاقون إليه، وهذا مِن حُسنِ العِشرةِ.
وفي الحَديثِ: اللُّجوءُ إلى اللهِ في كُلِّ وقْتٍ، لا سيَّما عندَ الشَّدائدِ.