حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 106
مستند احمد
حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما النذر كفارته كفارة اليمين»
النَّذرُ: هو إيجابُ الإنسانِ على نفْسِه فِعلًا أو تَركًا لرَبِّه لم يجب عليه ابتداء، وقد يكونُ نذرًا غيرَ مُعلَّقٍ على شيءٍ، وقد يكونُ مُعلَّقًا إذا ما تَمَّ له مُرادُه، ولا يَنعَقِدُ النَّذْرُ والوفاءُ به إلَّا إذا كان في طاعةٍ، أمَّا ما كان في مَعصيةٍ فلا وفاءَ فيه؛ فمِثلُه مِثلُ اليَمينِ
وهذا الحديثِ فيه توضيحُ ذلك، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "النَّذرُ نَذْران"، أي: نَوعان، "فما كان مِن نَذرٍ في طاعَةِ اللهِ"، أي: ما كان نَذرًا رَغبَةً في الأجْرِ والثَّوابِ مِن اللهِ؛ كأَنْ يَذبَحَ للهِ، ويُنفِقَ للهِ، ونحوِ ذلك، "فذلك للهِ"، أي: فإنَّ ما يَنذِرُه يكونُ للهِ بمِثلِ ما أراد وعزَم فيه، "وفيهِ الوَفاءُ"، أي: وعلى صاحِبِه أنْ يُوفِيَ به وينفِّذَه، "وما كان مِن نَذرٍ في مَعصيةِ اللهِ" كأَنْ يذبَحَ لغيرِ اللهِ، أو أنْ يَشرَبَ خَمرًا، أو فيما يُخالِفُ مَقاصِدَ الشَّرعِ، ونحوِ ذلك، "فذلِك للشَّيطانِ"، أي: هذا النَّذرُ لا يقَعُ للهِ، إنَّما يقَعُ للشَّيطانِ، "ولا وَفاءَ فيه"، أي: وليس على صاحِبِه أنْ يُوفِيَ به وينفِّذَه، "ويُكفِّرُه ما يُكفِّرُ اليَمينَ"، أي: وعلى مَن نذَر نَذْرًا في مَعصيةٍ أنْ يُكفِّرَ عنه كفَّارةَ اليَمينِ، وقد ذُكرَتْ كفَّارةُ اليَمينِ في قولِه تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]، وقد ورَد في رِوايةٍ أُخرى: "مَن نذَر أنْ يُطيعَ اللهَ فليُطِعْه، ومَن نذَر أنْ يَعصِيَ اللهَ فلا يَعْصِه، ويُكفِّرُ عن يَمينِه"