حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 32
مستند احمد
حدثنا عبد الوهاب الخفاف، عن سعيد، عن قتادة، قال: ذكر أن قيسا الجذامي حدث، عن عقبة بن عامر الجهني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «[ص:563] من أعتق رقبة مؤمنة، فهي فكاكه من النار»
عِتقُ الرِّقابِ مِن أفضَلِ القُرباتِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ ولذلك حَثَّ الشَّرعُ على عِتْقِها وتَحريرِها، وبيَّن الأجْرَ العظيمَ على ذلك
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أيُّما امرِئٍ مُسلمٍ"، أي: كان حرًّا، "أعتَق امْرَأً مُسلِمًا"، أي: كان مَملوكًا وحرَّره مِن العبوديَّةِ، "كان"، أي: كان جزاءُ ذلك الحُرِّ، "فَكاكَه مِن النَّارِ"، أي: كان خَلاصَه مِن النَّارِ يومَ القِيامةِ، "يُجْزي كلُّ عُضوٍ منه عضوًا منه"، أي: يُعتَقُ مِن أعضاءِ الحُرِّ يومَ القِيامةِ بما يُقابله من أعضاءِ العَبدِ الَّذي أعتقَه في الدُّنيا، "وأيُّما امرِئٍ مُسلِمٍ أعتَق امرَأَتَين مُسلِمتَين"، أي: وإنْ كان عِتقُه وتحريرُه لامرَأَتين وكانَتا مُسلِمتَين، "كانتا"، أي: كان جَزاؤُه في المرأتَين اللَّتَين أعتَقَهما يومَ القيامةِ أن يَكونَ العِتقُ "فَكاكَه مِن النَّارِ، يُجْزي كلُّ عضوٍ مِنهما عضوًا مِنه"، أي: يُعتَقُ مِن أعضاءِ الحُرِّ يومَ القِيامةِ بما يُقابِلُه مِن مجموعِ أعضاءِ المرأَتَين اللَّتَين أعتَقَهنَّ في الدُّنيا، "وأيُّما امرَأةٍ مُسلِمةٍ"، أي: كانتْ حرَّةً، "أَعتقَت امرأةً مُسلِمةً"، أي: كانتْ مملوكةً وحرَّرَتها مِن العُبوديَّةِ، "كانتْ فَكاكَها مِن النَّارِ، يُجْزِئُ كلُّ عُضوٍ منها عُضوًا منها"، أي: بمِثلِ ما يُجازَى الرَّجلُ الحرُّ تُجازى كذلك المرأةُ الحرَّةُ إنْ هم سَعَوا في عِتقِ غيرِهم مِن المسلِمين مِن العُبوديَّةِ
وقد ثبَت في الصَّحيحَينِ عن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال: "مَن أعتَق رَقَبةً مُسلِمةً، أعتَق اللهُ بكُلِّ عَضوٍ منه عَضوًا مِن النَّارِ، حتَّى فَرْجَه بفَرْجِه"
وهذا كلُّه يدُلُّ على أنَّ عِتْقَ المماليكِ وتَحريرَ العَبيدِ والإماءِ، ذُكورًا وإناثًا مِن المنجِيَاتِ مِن النَّارِ، وإنْ كان البعضُ يَرى أنَّ عِتْقَ العَبيدِ الذُّكورِ أَوْلَى مِن عِتْقِ الإماءِ؛ حتَّى لا تَضيعَ النِّساءُ بسبَبِ عدَمِ قُدرتِهنَّ على التَّكسُّبِ