مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1103
مسند احمد
حدثنا روح، وعفان المعنى، قالا: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس بن مالك، أن فتى من الأنصار قال: يا رسول الله، إني أريد الجهاد، وليس لي مال أتجهز به، فقال: " اذهب إلى فلان الأنصاري، فإنه قد كان تجهز ومرض، فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول لك: ادفع إلي ما تجهزت به ". فقال له ذلك: فقال: يا فلانة ادفعي إليه ما جهزتني به، ولا تحبسي عنه شيئا، فإنك والله إن حبست عنه شيئا لا يبارك (1) لك فيه قال عفان: إن فتى من أسلم
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ فَتًى من قبيلةِ أَسْلمَ العربيَّةِ قال: «يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُريدُ الغَزْوَ»، يَعنِي تَلبِيةً لِمَا كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُه من حَضِّهم على الجِهادِ، والدِّفاعِ عن عَقيدتِهم، ونَشْرِ دَعوتِهم، لكنَّ الفتى أخبرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَملِكُ ما يَتجهَّزُ به، فأتاه ليُعينَه على غَزوِه، فدَلَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على رَجُلٍ كان قد تَجَهَّزَ ثُمَّ حالَ بَينَه وبين الخُروجِ للغَزْوِ مَرَضٌ، وأَمَرَه أنْ يَذهَبَ إليه ويَطلُبَ منه ما كان قد جَهَّزَ به نَفسَه للغَزوِ؛ ليَغزُوَ به هذا الفَتَى الَّذي لا يَجِدُ ما يَتَجهَّزُ به.
فذهَبَ إليه وأخبَرَه بما قاله له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فخاطَبَ الرَّجلُ المريضُ زَوجتَه أو أَمَتَه وأمَرَها أنْ تُعطِيَه جَميعَ جِهازِه، «ولا تَحْبِسِي عنْه شيئًا» فنَهاها عن مَنعِ شيءٍ ممَّا كان سيَخرُجُ هو به، «فوَاللَّهِ، لا تَحْبِسِي منه شيئًا» قليلًا ولا كثيرًا «فيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ» أي: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيَنزِعُ البركةَ منه إنْ أبْقيْتِ منه شيئًا.
وفي الحديثِ: حُسنُ تَدبيرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمورَ أصحابِه.
وفيه: أنَّ مَن حَبَسَ مالًا على عَمَلٍ صالحٍ ثُمَّ عَجَزَ عنه لِمَرَضٍ أو غيرِه، فإنَّه يَصرِفُ ذلك المالَ لمَنْ يَقومُ بهذا العملِ، ولا يَأخُذُ منه شيئًا؛ حتَّى يَكونَ شَريكًا للعاملِ.
وفيه: سُرعَةُ امتِثالِ الصَّحابيِّ وثِقَتُه بوَعدِ اللهِ ورَسولِه؛ حيثُ نَهى زَوجتَه أن تَحبِسَ شيئًا.