حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 4
مستند احمد
حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن أبي عبد الرحمن الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني [ص:527] راكب غدا إلى يهود، فلا تبدءوهم بالسلام، فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم " [ص:528] قال عبد الله: قال أبي " خالفه عبد الحميد بن جعفر وابن لهيعة، قالا: عن أبي بصرة، حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، قال أبو بصرة - يعني في حديث ابن أبي عدي - عن ابن إسحاق "
كان اليَهودُ يَعيشونَ في المدينةِ قَبلَ هِجْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليها، وقد عقَدَ معهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُعاهَداتِ والمَواثيقَ للعَيشِ معًا بسَلامٍ، ولكِنَّهم نَقَضوا العُهودَ؛ فأجْلاهُمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من المدينةِ تِباعًا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو بَصْرةَ الغِفاريُّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّا غادونَ إلى يَهودَ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَ أصْحابَهُ أنَّهم سيَمُرُّونَ بجَماعةٍ من اليَهودِ بالغَدِ صباحًا؛ فأرشَدَهُم إلى كيفيَّةِ التَّعامُلِ معهم من بِدايةِ اللِّقاءِ؛ فقال: "فلا تَبْدَؤُوهُم بالسَّلامِ"، أي: لا تَبدَؤُوهُم بالتَّحيَّةِ وتقولوا لهم: السَّلامُ عليكم؛ لأنَّ الابتِداءَ بها إعْزازٌ للمُسلَّمِ عليه، ولا يجوزُ إعْزازُهُم، وكذا لا يجوزُ تَوادُدُهُم وتَحابُبُهُم بالسَّلامِ ونحوِهِ، ثُمَّ بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لصحابتِه ماذا يَصنَعُون لو أُلقِيَتْ عليهم التَّحيَّةُ منهم؛ فقال: "وإذا سَلَّموا عليكم"، أي: إذا قاموا بإلْقاءِ السَّلامِ عليكم، "فقُولوا: وعليكم"، أي: أنْ يرُدُّوا عليهم بهذه اللَّفْظةِ التي تُوجِبُ لهم مِثلَ ما سيَقولونَ للمُسلِمينَ، مع ما فيها من غايةِ الأدَبِ، وحِفظِ اللِّسانِ عن البَذاءةِ
وفي الحديثِ: بَيانُ رِفْعةِ قَدْرِ المُسلِمِ عِندَ اللهِ ورَسولِهِ
وفيه: بَيانُ كيفيَّةِ التَّعامُلِ مع أهْلِ الكِتابِ بالحِرْصِ وعَدَمِ الخَوضِ