حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري 4
مستند احمد
حدثنا سفيان، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: " خيار عباد الله الذين إذا رءوا، ذكر الله، وشرار عباد الله المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون البرآء العنت
في هذا الحديثِ تُخبِرُ أسماءُ بنتُ يَزيدَ، أنَّها سَمِعَت رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَقولُ: "ألَا أُنبِّئُكم بِخيارِكم؟"، أي: أفاضِلِكم، فقال الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم: "بَلى، يا رسولَ اللهِ"، أي: أخبِرْنا بهم يا رسولَ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "خِيارُكم"، أي: أفضَلُكم مِن جهةٍ ما، وليس بمُطلَقِ الأفضَليَّةِ، "الَّذين إذا رُؤُوا ذُكِر اللهُ عزَّ وجلَّ"، أي: إنَّهم مِن الخَشْيةِ والخوفِ مِن اللهِ، أو مِن كَثرةِ ذِكْرِهم للهِ بحيثُ إنَّ النَّاسَ يَذكُرون اللهَ عِندَ حُضورِهم، أو لأنَّهم لِمَا عَليهم مِن سِيمَا الصَّلاحِ يُذكِّرون باللهِ سبحانه، أو لأنَّهم يَعِظون العبادَ ويُذكِّرونهم برَبِّهم فيَذْكُرونه، فصُحبَتُهم غنيمةٌ؛ وذلك أنَّ المؤمنَ يَستضيءُ بنورِ اللهِ، ويَظهَرُ على وجهِه أثَرُ الإيمانِ، فإذا رآه النَّاسُ ذكَروا اللهَ. وعلى العَكسِ؛ فمَن شغَل النَّاسَ عن ذِكرِ اللهِ وطاعتِه فهو ظالِمٌ وسوف يَندَمُ ويَعضُّ على يديه، كما قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27 - 29]
وفي الحديثِ: الحثُّ على كَثرةِ الذِّكرِ والطَّاعاتِ؛ لِما لها مِن أثَرٍ طيِّبٍ على الذَّاكِرِ وعلى مَن يَراه، فيَتأثَّرُ به