حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 87
مستند احمد
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غيرتان: إحداهما يحبها الله، والأخرى يبغضها الله، ومخيلتان: إحداهما يحبها الله، والأخرى يبغضها الله، الغيرة في الريبة يحبها الله، والغيرة في غيره يبغضها الله، والمخيلة إذا تصدق [ص:620] الرجل يحبها الله، والمخيلة في الكبر يبغضها الله "
بيَّن النَّبِيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم لنا كلَّ ما يُشكِل علينا في أحكامِ دِينِنا، وأوضَح لنا أنَّ بعضَ الأُمورِ يَختلِف حُكمُها باختلافِ الأحوالِ والظُّروفِ، ومِن ذلك: الغَيْرَةُ، والخُيَلاءُ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "مِنَ الغَيْرَةِ"، أي: الحَمِيَّةُ والأَنَفَةُ "ما يُحِبُّ اللهُ، ومِنها ما يُبغِضُ اللهُ"، أي: هي نوعان: فمنها الحَسَنُ الَّذِي يُحِبُّه اللهُ، ومنها القَبِيح الَّذِي يُبغِضُه اللهُ، "فأمَّا الَّتِي يُحِبُّها اللهُ فالغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ"، أي: يَغارُ الرَّجُلُ إذا رأَى مِن مَحارِمِه أو غيرِهم فِعلًا مُحرَّمًا، فيَنزَعِجُ مِن ذلك، ويَمنَعُهم منه، "وأمَّا الغَيْرَةُ الَّتِي يُبغِضُها اللهُ فالغَيْرَةُ في غيرِ رِيبَةٍ" كأَنْ يَغارُ الرجلُ إذا رأَى أُمَّه تزوَّجَتْ أو غيرَ ذلك مِمَّا هو حلال، فيَنزعِج مِن ذلك، ويُرِيدُ مَنْعَه، "وإنَّ مِن الخُيَلاءِ"، أي: التكبُّرِ والفَخْرِ "ما يُبغِضُ اللهُ، ومنها ما يُحِبُّ اللهُ"، أي: هي نوعان: مِنها الحَسَنُ الَّذِي يُحِبُّه اللهُ، ومنها القَبِيحُ الَّذِي يُبغِضُه اللهُ، "فأمَّا الخُيَلاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ فاختِيالُ الرَّجُلِ بنفسِه عندَ القِتالِ"، أي: التَّبختُرُ والزَّهوُ عندَ مُلاقاةِ العَدُوِّ لإغاظتِهم وإخافتِهم وتثبِيطِهم، "واختيالُه عندَ الصَّدَقةِ"، أي: يَفرَحُ بما يُعْطِيهِ للِفَقيرِ مِنَ الصَّدقاتِ، والخُيلاءُ في الصَّدَقةِ أنْ تَهزَّهُ الأَرْيَحِيَّةُ والسَّخاءُ فَيُعطِيها طَيِّبةً بِها نفْسُه، فَلا يَسْتكْثِرُ كثيرًا ولا يُعطِي مِنها شَيئًا إلَّا وهو يَحْسَبُه قَليلًا، "وأمَّا الَّتِي يُبغِض اللهُ فاختيالُه في البَغْيِ"، أي: يمجِّد نفسَه بظُلمِه غيرَه بأخذِ مالِه وغيرِ ذلك، "والفَخْرُ"، أي: أن يَذكُرَ المرءُ مِن صفاتِه ونَسَبِه ومالِه ونحوِ ذلك لِمُجرَّدِ الفَخرِ أمامَ النَّاسِ
وفي الحَدِيثِ: تربيةٌ نبويَّةٌ عظيمةٌ بوضعِ الأُمورِ في نِصَابِها، والتصرُّفِ في كلِّ موقفٍ بما يُلائِمُه