حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 9
مستند احمد
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا أبو سلام، عن عبد الله الأزرق، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يدخل الثلاثة بالسهم الواحد الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والممد به، والرامي به "
الإعدادُ للجِهادِ بكُلِّ ما يَستطيعُ المسلِمُ منَ الأُمورِ الَّتي حضَّ عليها الشَّرعُ الحنيفُ؛ صِيانةً للأُمَّةِ، ونشرًا للإسلامِ والعَدْلِ، وحِمايةً لِلدِّين والعِرْضِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُقبةُ بنُ عامرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِع النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على المِنبرِ يَقرَأُ قوْلَ اللهِ تَعالَى: {وَأَعِدُّوا لهمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، وهو أمرٌ مِن اللهِ تَعالَى للمسْلِمين بأنْ يُجهِّزوا ويُعِدُّوا ما قَدَروا على إعدادِه مِن العَدَدِ والعُدَّةِ للعدوِّ، ويَشمَلُ ذلكَ ما يُناسِبُ كلَّ زمانٍ ومَكانٍ، وكلمةُ «قوَّةٍ» جاءت في الآيةِ مُبهَمةً، ففَسَّرها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيَّن أنَّ القُوَّةَ المذكورَةَ في كِتابِ اللهِ المُرادُ بها الرَّميُ بالسِّهامِ والرِّماحِ، وخَصَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّميَ مع أنَّ الجهادَ يَحتاجُ إلى إِعدادِ أُمورٍ أُخرى، مِثلَ: السَّيفِ والرُّمحِ ورُكوبِ الخَيلِ، وغَيرِ ذلك؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى مُمارسةٍ دائمةٍ وتَدريبٍ مُستمِرٍّ حتَّى لا ينسى، ولأنَّه أكثرُ نِكايةً في العدوِّ مِن غيرِه؛ فهو أسرَعُ وُصولًا للعدوِّ، وأكثَرُ إصابةً لهم مع حِفظِه للمسْلِمين والدِّفاعِ عنهم مِن بَعيدٍ
وإنَّما يَكونُ تَعلُّمُ الرَّميِ المأمورِ بِه في الحديثِ في كُلِّ زمانٍ على حَسَبِ ما هو موجودٌ فيه من أَدواتِ الرَّميِ، فيَتعلَّمُ الرَّميَ بالسِّهامِ في زَمنِه، ويَتَعلَّمُ الرَّميَ بالرَّصاصِ والقَنابلِ والصَّواريخِ ونَحوِها في زَمانِنا وكلِّ ما يُسْتحدَثُ مِن آلاتِ الرَّميِ والقِتالِ في كلِّ زَمانٍ ومَكانٍ
وكرَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك تأكيدًا على هذا المعْنَى، وبَيانًا لأهمِّيَّةِ الرَّميِ
وفي الحديثِ: الحضُّ على تَعلُّمِ الرَّميِ، والحضُّ على إِعدادِ العُدَّةِ للجهادِ قدْرَ الاستِطاعَةِ