حديث عمرو بن خارجة 6
مستند احمد
حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن عمرو الثمالي، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم معي هديا وقال [ص:217]: «إذا عطب شيء منها فانحره ثم اضرب نعله في دمه، ثم اضرب به صفحته، ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك، وخل بينه وبين الناس»
الهَدْيُ اسمٌ لِما يُهدى ويُذبَحُ في الحرَمِ مِن الإبلِ والبقَرِ والغنَمِ والمَعْز
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو قَبيصةَ ذُؤيبُ بنُ حَلْحَلةَ الخُزاعيُّ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان يَبعَثُ مَعه بالبُدْنِ -وهي الأنعامُ الَّتي تُهْدى إلى بيتِ اللهِ الحرامِ- ثُمَّ يقولُ لَه: «إنْ عَطِبَ مِنها شَيءٌ»، أي: أصابه أمرٌ مِن مرَضٍ أو تعَبٍ يَغلِبُ معه هَلاكُها وموتُها قبْلَ وُصولِها إلى مَوضعِ الذَّبحِ، «فانْحَرْها» واذْبَحْها في مَكانِها، «ثُمَّ اغمِسْ نَعْلَها» المُقلَّدَةَ بها في دَمِها، «ثُمَّ اضرِبْ» بهذا النَّعلِ المُلطَّخِ بالدَّمِ على صَفحتِها، أي: اجعَلِ النَّعلينِ على جانبِ سَنامِ البُدنِ؛ ليكونَ ذلك عَلامةً مَعروفةً؛ لكيْ يَعرِفَها مَن يمُرُّ بها، فمَن جاء بعْدَهم يَنظُرُ إليها ويَعرِفُ أنَّها هدْيٌ، وقد عَطِب، فيَأكُلُ منها دونَ حرَجٍ، فلا يَحسَبُها مَيتةً؛ وذلك أنَّ الطُّرقَ الَّتي يَسلُكُها النَّاسُ في أسفارِهم كانت مَعروفةً مِن قِبَلِ غيرِهم، وأيضًا فإنَّ العادةَ الغالبةَ أنَّ ساكِنِي الصَّحراءِ -البَدْو- وغيرَهم، يَتَّتبعون مَنازلَ الحجيجِ لالتقاطِ ما خلَّفوه في أماكنِ راحتِهم، «وَلا تَطعَمْها أنت ولا أَحدٌ مِن أهلِ رُفْقتِك»، أي: لا يَأكُلْ منها، سَواءٌ كان فَقيرًا أو غَنيًّا، وفي هذا قطْعُ الذَّريعةِ؛ لئلَّا يَتوصَّلَ بعضُ النَّاس إلى نحْرِ الهدْيِ، أو تَعييبِه قبْلَ أوانِه
وفي الحَديثِ: التَّرغيبُ في بَعثِ الهَدايا إلى مكَّةَ، والتَّوكيلُ فيها إنْ لم يَذهَبْ بنفْسِه