حديث عمرو بن عبسة 2
مستند احمد
حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حريز بن عثمان وهو الرحبي، حدثنا سليم بن عامر، عن عمرو بن عبسة، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعكاظ فقلت: من تبعك على هذا الأمر؟ فقال: «حر وعبد» . ومعه أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، فقال لي: «ارجع حتى يمكن الله [ص:174] عز وجل لرسوله» ، فأتيته بعد، فقلت: يا رسول الله، جعلني الله فداءك، شيئا تعلمه وأجهله، لا يضرك، وينفعني الله عز وجل به: هل من ساعة أفضل من ساعة؟ وهل من ساعة يتقى فيه؟ فقال: «لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، إن الله عز وجل يتدلى في جوف الليل، فيغفر إلا ما كان من الشرك والبغي، فالصلاة مشهودة محضورة، فصل حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت، فأقصر عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وهي صلاة الكفار، حتى ترتفع، فإذا استقلت الشمس، فصل، فإن الصلاة محضورة مشهودة حتى يعتدل النهار، فإذا اعتدل النهار، فأقصر عن الصلاة، فإنها ساعة تسجر فيها جهنم، حتى يفيء الفيء، فإذا فاء الفيء، فصل، فإن الصلاة محضورة مشهودة حتى تدلى الشمس للغروب، فإذا تدلت فأقصر، عن الصلاة حتى تغيب الشمس، فإنها تغيب على قرني شيطان وهي صلاة الكفار»
زَكاةُ الفِطْرِ مِن العِباداتِ الَّتي مَنَّ اللهُ سُبحانَه وتعالَى بها علَينا؛ وجعَلَها طُهرةً وكفَّارةً لِما قد يقَعُ للصَّائمِ مِن نُقصانِ الأجْرِ في شَهْرِ رَمَضانَ، وطُعْمةً للمساكينِ مِن المسلمينَ، ولها أحكامُها وشُروطُها
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فرَضَ زَكاةَ الفِطرِ، وحدَّد حُكمَها؛ فجَعَلَها فرْضَ عَينٍ على كلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، حُرًّا أو عبْدًا، ذكَرًا أو أُنثى، صَغيرًا أو كَبيرًا، الذي عندَه ما يَفيضُ عن قُوتِ يَومِه ولَيلتِه، عن نفْسِه وعمَّن يَعولُهم؛ لأنَّ سبَبَها الصَّومُ وليس المالَ. وقد حدَّدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِقدارَها على أنْ تكونَ صاعًا، وهو خَمسةُ أرطالٍ وثُلثٌ تَقريبًا، وبالكيلو ثَلاثةُ كِيلواتٍ تَقريبًا؛ مِن تَمْرٍ أو شَعيرٍ، أو مِن غالِبِ قُوتِ البلدِ عُمومًا، كالتَّمرِ والأُرزِ، والدَّقيقِ ونحْوِ ذلك، وأمَر بها أنْ تُؤدَّى قبْلَ خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ، أي: بعْدَ صَلاةِ الفَجرِ وقبْلَ خُروجِ النَّاسِ إلى صَلاةِ العِيدِ، وهذا هو أفضلُ أوقاتِها، ويُشرَعُ خُروجُها مِن أوَّلِ غُروبِ شَمْسِ آخِرِ يَومٍ مِن رَمضانَ، وكذلِك يُشرَعُ تَعجيلُ إخراجِها قبْلَ العيدِ بيَومٍ أو يَومينِ، وآخِرُ مَوعدٍ لخُروجِها هو صَلاةُ العِيدِ كما يدلُّ عليه هذا الحَديثُ، وقيل: آخِرُ وَقتِها هو غُروبُ شَمسِ يَومِ عِيدِ الفِطرِ، فإنْ خرَجَتْ بعدَ ذلِك كانتْ في حُكْمِ الصَّدَقةِ، ولم تقَعْ زكاةَ فِطرٍ