حديث فيروز الديلمي 4
مستند احمد
حدثنا أبو المغيرة، حدثنا ابن عياش يعني إسماعيل، حدثني يحيى يعني ابن أبي عمرو الشيباني، عن عبد الله بن الديلمي، عن أبيه فيروز قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا أصحاب أعناب وكرم، وقد نزل تحريم الخمر [ص:578]، فما نصنع بها؟ قال: «تتخذونه زبيبا» قال: فنصنع بالزبيب ماذا؟ قال: «تنقعونه على غدائكم، وتشربونه على عشائكم، وتنقعونه على عشائكم، وتشربونه على غدائكم»
كانَتِ الوُفودُ تأتي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستَفتونَه في شُؤونِ حَياتِهم
وفي هذا الحَديثِ خبرٌ لوفدٍ مِن تلك الوفودِ، وفيه يَقولُ فَيروزٌ الدَّيلَميُّ رَضيَ اللهُ عنه: "قَدِمتُ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" وذلك أنَّه كانَ مِن اليَمَنِ، وكانَ فيمَن أسلَمَ، فبَعَثوا وَفدَهم إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببَيعَتِهم وإسلامِهم، فقَبِلَ ذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منهم، "فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا أصحابُ أعنابٍ وكَرْمٍ"، يعني: أنَّ لَدَيهم حَدائِقَ وبَساتينَ مِنَ الأعنابِ، تَفيضُ عنِ الحاجةِ، وكانوا يَتَّخِذونَ مِنها الخَمرَ، "وقد نَزَلَ تَحريمُ الخَمرِ" فلن نَعصِرَه، ولن نَنتَفِعَ مِن أعنابِنا، "فما نَصنَعُ بها؟ قال: تَتَّخِذونَه زَبيبًا"، أي: جَفِّفوه حتى يَتحَوَّلَ إلى زَبيبٍ، فيَصلُحَ لكم طَوالَ العامِ "قالَ: فنَصنَعُ بالزَّبيبِ ماذا؟"، أي: ما المَواطِنُ التي يَصلُحُ فيها استِعمالُ الزَّبيبِ، وكيف نَنتَفِعُ به؟ "قال: تَنقَعونَه على غَدائِكم، وتَشرَبونَه على عَشائِكم"، والمُرادُ: انقَعوه في الماءِ في وَقتِ الصَّباحِ، وانتَظِروا حتى يَحْلوَ، ثم اشرَبوا ما تَمَّ نَقعُه صَباحًا عِندَ طَعامِكم على العَشاءِ بَعدَ زوالِ المَغرِبِ، "وتَنقَعونَه على عَشائِكم، وتَشرَبونَه على غَدائِكم" وهكذا تَنقَعونَه طَوالَ اللَّيلِ ثم تَشرَبونَه في الصَّباحِ، وهذا مِنَ التَّنبيهِ على عَدَمِ نَقْعِه لِفَترةٍ طَويلةٍ؛ حتى لا يَتخَمَّرَ فيَحرُمَ شُربُه. "قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، نحن مَن قد عَلِمتَ" مِن أيِّ قَبيلةٍ مِنَ القَبائِلِ نكونُ، ومِن أيِّ بَلَدٍ نَكونُ "ونحن نُزولٌ بَينَ ظَهرانَيْ مَن قد عَلِمتَ"؛ فقد أسلَمْنا دونَ قَوْمِنا، ونُقيمُ بَينَهم "فمَن وَلِيُّنا؟"، أي: فمَنِ النَّاصِرُ لنا؟ أو مَن سَيتوَلَّى أُمورَنا ويَحفَظُنا مِن أذاهم؟ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اللهُ ورَسولُه" بمَعنى أنَّكم سَتصيرونَ في حِمَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ وإلى رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "قُلتُ: حَسْبي يا رَسولَ اللهِ"، أي: يَكفينا هذا الوَليُّ ورَضيناه
وفي الحديثِ: بيانُ حُسنِ تَعليمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودَعوتِه بالحِكمةِ والموعظةِ الحسَنةِ