حديث معاوية بن أبي سفيان 35
مستند احمد
حدثنا محمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، وروح، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن عبد الله بن العباس، أن معاوية بن أبي سفيان - قال روح: أخبره -، قال: «قصرت [ص:84] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص على المروة، أو رأيته يقصر عنه بمشقص على المروة»
بيَّن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَناسِكَ الحجِّ والعُمرةِ بأقوالِه وأفعالِه، ونَقَلَها لنا الصَّحابةُ الكِرامُ رَضيَ اللهُ عنهم بكلِّ تَفاصيلِها؛ حتَّى يكونَ الناسُ على بيِّنةٍ مِن أمْرِ عِبادتِهم
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه قَصَّر شَعْرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولعلَّ ذلك كان عندَ تَحلُّلِه مِن عُمرةِ الجِعرانةِ، وقد اعتَمَرَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا فتَحَ مكَّةَ، وسُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ مكَّةَ ليلًا، وأدَّى مَناسكَ العمرةِ، ثمَّ خرَجَ منها لَيلًا، فباتَ بالجِعِرَّانَةِ حتَّى أصبَحَ وزالَتِ الشَّمسُ مِن اليومِ التَّالي، فتوجَّهَ إلى المدينةِ، وكان ذلك في السَّنةِ الثَّامنة مِن الهِجرةِ، بِمِشْقَصٍ، والمِشقَصُ: ما طالَ وعرُضَ مِن النِّصالِ والسِّهامِ. وفي ذلك مَشروعيَّةُ الاقتصارِ على تَقصيرِ الشَّعرِ، وإنْ كان الحلْقُ أفضَلَ، وسواءٌ في ذلك الحاجُّ والمعتمِرُ، إلَّا أنَّ الأفضَلَ للمُتمتِّعِ أنْ يُقصِّرَ في العُمرةِ ويَحلِقَ في الحجِّ؛ لِيَقَعَ الحلْقُ في أكمَلِ العِبادتينِ
والحلْقُ والتَّقصيرُ: شَعيرةٌ مِن شَعائرِ الحجِّ والعمرة، وبه يَتحلَّلُ المُحرِمُ مِن إحرامِه، ويكونُ بعْدَ رمْيِ جَمرةِ العقَبةِ، وبعْدَ ذَبْحِ الهدْيِ إنْ كان معه، وقبْلَ طَوافِ الإفاضةِ. وفي العُمرةِ يكونُ بعْدَ السَّعيِ بيْن الصَّفا والمَروةِ
وفي الحديث: مشروعية التقصير عند التحلل من مناسك الحج والعمرة