حديث معاوية بن أبي سفيان 4
مستند احمد
قال عبد الله بن أحمد: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده قال: حدثنا محمد بن بكر وهو البرساني، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: حدثني عمرو بن يحيى، أن عيسى بن عمر، أخبره، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص، عن علقمة بن وقاص، قال: إني لعند معاوية إذ أذن مؤذنه، فقال معاوية، كما قال المؤذن، حتى إذا قال: حي على الصلاة، قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله» فلما قال: حي على الفلاح، قال: «لا حول ولا قوة إلا [ص:43] بالله» ، وقال بعد ذلك ما قال المؤذن، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك
اللهُ عزَّ وجلَّ كريمٌ جعَل للحَسَناتِ أبوابًا كثيرةً، ومِن فَضلِه سبحانَه إثابَتُه وتفضُّلُه بالأَجْرِ الكَبيرِ على العَملَ اليَسيرَ، إذا أخلَصَ فيه العبدُ لربِّه
وفي هذا الحديثِ يَقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إذا قالَ المؤذِّنُ: اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ"، واكتَفَى هنا بذِكْرِ التَّكبيرِ مرَّتَينِ؛ إشارةً إلى أنَّهما في حُكْمِ كلمةٍ واحدةٍ؛ قصدًا للاختِصارِ، وتنبيهًا على الباقي، وهكذا سائرُ كَلِماتِ الأَذانِ، "فَقالَ أحَدُكُم"، أي: أجابَ بقولِه: "اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ" كَما يَقولُ المؤذِّنُ، "فإذا قالَ"، أيِ: المؤذِّنُ، "أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال" المُجيبُ: "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ" مِثلَ قولِ المؤذِّنِ، "فإذا قالَ" المؤذِّنُ: "أشهَدُ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، قال" المُجيبُ: "أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، ثمَّ قال" المؤذِّن: "حيَّ عَلى الصَّلاةِ"، أيْ: أقبِلْ على الصَّلاةِ، "قالَ" المُجيبُ: "لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ"، أيْ: لا حِيلَةَ في الخَلاصِ مِن المعاصي، ولا قُوَّةَ لي على الطَّاعةِ إلَّا بتوفيقِه تعالى، "ثمَّ قال" المؤذِّنُ: "حيَّ عَلى الفَلاحِ"، أي: أقبِلْ على الفَوزِ والنَّجاةِ، "قال" المُجيبُ: "لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، ثمَّ قال" المؤذِّنُ: "اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، قال" المجيبُ: "اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، "ثمَّ قال" المؤذِّنُ: "لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال" المجيبُ: "لا إلهَ إلَّا اللهُ" خالصةً، "مِن قَلبِه"، أيِ: المُجيبِ في جميعِ كَلِماتِ الأذانِ، "دخَلَ الجنَّةَ"؛ جزاءً لِقَولِه، وتَرديدِه الأَذانَ معَ المؤذِّنِ، وعدَمِ إعراضِه؛ لأنَّ في حكايةِ المسلِمِ وترديدِه للأذانِ توحيدٌ للهِ وتَعْظيمٌ له سبحانَه، وثَناءٌ عليه بما هو أهلُه، واستِسْلامٌ لطاعتِه، وتفويضُ الأمورِ إلى اللهِ، وفيه دعاءٌ، معَ إجابتِه إلى الصَّلاةِ، وإذا حصَل هذا للعبدِ، فقد حازَ حقيقةَ الإيمانِ وجِماعَ الإسلامِ، فكان جزاءُ ذلك هو دخولَ الجنَّةِ