ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة 4
سنن النسائي
أخبرنا أبو الأشعث قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة، أن الحكم أخبره قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدث، عن صهيب قال: سمعت ابن عباس يحدث أنه «مر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وغلام من بني هاشم على حمار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فنزلوا ودخلوا معه فصلوا ولم ينصرف، فجاءت جاريتان تسعيان من بني عبد المطلب فأخذتا بركبتيه، ففرع بينهما ولم ينصرف»
الصَّلاةُ عِمَادُ الدِّينِ، وهي أعظمُ أركانِ الدِّينِ بعدَ الشَّهَادتيْنِ؛ لهذا يَنبغي على المسلِمِ أنْ يَحرِصَ على تعلُّمِ أحكامِها؛ كي يُقيمَها على الوَجْهِ الذي يُرضِي اللهَ تعالى
وهذا الحديثُ يُوضِّح أحَدَ هذهِ الأحكامِ الَّتي تتعلَّقُ بقَطْعِ الصَّلاةِ، وفيه أنَّ بعضَ المسلمينَ تَذاكَر ما يقْطَعُ الصَّلاةَ عند ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، فقال لهم: جئتُ أنا وغُلامٌ مِن بنِي عبدِ المطَّلِبِ على حِمَارٍ، أي: كانَا يَرْكَبان الحِمَارَ "ورسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يُصَلِّي"، أي: إمامًا بالنَّاسِ، "فنزَلَ ونزلْتُ وترَكْنَا الحِمَار أمامَ الصَّفِّ"، أي: نزَلَا مِن على الحِمَار وترَكاه أمامَ المصَلِّين خَلْفَ الرَّسُولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، "فما بَالاهُ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُنكرْ وُجودَ الحِمَارِ أمامَ المصلِّينَ واستَمَرَّ في صلاتِه
ثم جاءتْ جاريتانِ من بنِي عبدِ المطَّلِب، وهذا كِنايةٌ عن صِغرهنَّ، فدَخَلتَا بين الصَّفِّ أمام المصُلِّينَ، أي: مرَّتَا بين صُفوفِ المأمومين؛ وفي روايةٍ أنَّهما: اقتتلتَا، أي: تَشاجَرتَا، فأخذَهما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فَفرَع بَينهُما أو فنزَعَ إحدَاهما من الأخرى
فما بالَى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك، ولم ينصرِفْ من صَلاتِه.وقد ساقَ ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما
هذا الحديثَ؛ للدَّلَالةِ على أنَّ صَّلاةَ المأمومين لا يقطَعُها الحِمارُ ولا المرْأَةُ؛ فإنَّ سُترةَ الإمامِ سُترةٌ للمأمومِينَ، ولم تُصرِّح الرِّواياتُ بمُرورِ الجارتَينِ مِن أمامِ الإمامِ، ولوْ سُلِّمَ مرورُ الجاريتَينِ بينَ بينَه وبينَ السُّترةِ؛ فيُحمَل على أنَّ الجارتَينِ لم يَقطعَا الصَّلاةِ؛ لأنَّهما لم يَبلُغَا، وأنَّ الذي يَقطَعُ الصَّلاةَ مُرورُ البالِغَةِ