رجوع الوالد فيما يعطي ولده 1
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن حفص، قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرجع أحد في هبته إلا والد من ولده، والعائد في هبته كالعائد في قيئه»
الهَديَّةُ مِن الأمورِ الَّتي حسَّنَتْها الشَّريعةُ، ورغَّبَت في فِعلِها، ونَهَت عن الرُّجوعِ فيها حتَّى شُبِّه مَن يَفعَلُ ذلك بالكلبِ يَعودُ في قَيئِه
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا يَحِلُّ لرَجُلٍ أن يُعطِيَ عطيَّةً، أو يهَبَ هِبَةً، فيَرجِعَ فيها"، وهذا نَهْيٌ عَنِ الرُّجوعِ في الهَدِيَّةِ أو الهِبَةِ، ثمَّ استَثْنى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم صورةً مِن هذا النَّهيِ، فقال: "إلَّا الوالِدَ فيما يُعْطي وَلَدَه"، أي: للوالِدِ أن يَرجِعَ في عَطيَّتِه أو هِبَتِه الَّتي أعطاها لوَلدِه؛ قيل: ذلك لأنَّ الوالِدَ له أن يَأخُذَ مِن مالِ ولَدِه الَّذي لم يهَبْه لوَلدِه ما شاء إذا لم يَضُرَّ الولدَ
ثمَّ شبَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الَّذي يَرجِعُ في هِبَتِه، فقال: "ومَثَلُ الَّذي يُعْطي العَطيَّةَ، ثمَّ يَرجِعُ فيها كمَثَلِ الكَلبِ يَأكُلُ، فإذا شَبِعَ قاءَ ثمَّ عادَ في قَيئِه"، أي عاد وأكل قيئه مرة أخرى وهَذا مِن أقبَحِ الأفعالِ، وأكثرِها نُفْرةً، وإنَّما شَبَّهه بالقَيءِ ولم يُشبِّهْهُ بغيرِه مِن المحرَّماتِ؛ تَقْبيحًا لشَأنِه، وأنَّ النَّفسَ كما تَكرَهُ الرُّجوعَ في القيءِ وتأنَفُ منه وتَستقذِرُه؛ فهَكذا يَنبَغي أن تَنفِرَ مِن الرُّجوعِ في الهِبَةِ وتَكْرَهَه
وفي الحديثِ: ذمُّ طلَبِ ردِّ الهديَّةِ