سقوط القود بين المماليك فيما دون النفس
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن عمران بن حصين، «أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لهم شيئا»
في هذا الحديثِ يُخبِرُ عِمرانُ بنُ حُصَيْنٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ غُلامًا لِأُناسٍ فقراءَ قطَعَ أُذُنَ غُلامٍ لِأُناسٍ أغنياءَ"، "فأتى أهلُه"، أي: أهلُ الغلامِ القاطعِ وهُمْ فقراءُ، النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا أُناسٌ فقراءُ، أي: ليس معنا ما نؤدِّي به دِيَةَ ما فعَلَه ولدُنا بأُذُنِ الغلامِ الآخَرِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الحديثَ لم يذكُرِ القِصاصَ؛ لِأنَّ الغُلامَ الَّذي قطَعَ كان صغيرًا لا يَعْقِلُ، أو أنَّه قطَعَها خطأً؛ ففيها الدِّيَةُ وليس القِصاص كما هو في العَمْدِ، فَلَمْ يجعَلْ عليه شيئًا، أي: لم يأمُرْ أهلَه بالدِّيَةِ؛ وذلك لِأنَّهم فقراءُ، والفقراءُ لا يُحمَّلونَ ما لا يُطيقونَ؛ فاسترضَى النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أهلَ المقطوعِ فَرَضُوا
فدَلَّ هذا على أنَّ الغُلامَ هنا بمعنى الصَّبيِّ الصَّغيرِ، وليس بمعنى العبْدِ المملوكِ؛ لِأنَّه لو كان مملوكًا لكانت جِنايتُه في رقبتِه، وفقْرُ أهلِه ومواليه لا يدفَعُ الدِّيَةَ عنه. ويَحتمِلُ أنَّه كان مُدَبِّرًا يُعْتَقُ بعْدَ موتِ مالِكِه فكانت جِنايتُه في رَقبةِ مولاه؛ ولذلك طلَبَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يَرْفَعَ عنه الدِّيَةَ، فاسترضاهم النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فَرَضُوا ولم يأخذوا الدِّيَةَ