شراء الثمار قبل أن يبدو صلاحها على أن يقطعها، ولا يتركها إلى، أوان إدراكها
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه، وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم قال: حدثني مالك، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل: يا رسول الله، وما تزهي؟، قال: «حتى تحمر»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت إن منع الله الثمرة، فبم يأخذ أحدكم مال أخيه»
مَنْعُ الغِشِّ في البُيوعِ، وقَطْعُ النِّزاعِ والخُصومةِ بيْن البائعِ والمُشتَرِي؛ مَقصِدٌ مِن المَقاصِدِ الشَّرعيَّةِ؛ ولذلك نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَعضِ البُيُوعِ التي تُؤدِّي إلى وُقوعِ الغِشِّ والخِدَاعِ، ويَترتَّبُ عليها الخُصومةُ بيْن البائعِ والمُشتَرِي
وفي هذا الحديثِ نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيعِ الثِّمارِ التي على الشَّجَرِ أو على رُؤوسِ النَّخلِ، مُنفردةً وحْدَها عن الشَّجرِ أو النَّخلِ حتَّى تُزْهِيَ، أي: تَحمَرَّ وتَنضَجَ، ويَظهَرَ صَلاحُها، بظُهورِ مَبادئِ الحَلاوةِ؛ بأنْ تَتلوَّنَ وتَلِينَ أو نحْوِ ذلك، ويُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَببَ النَّهيِ ويقولُ: «أرأَيتَ إذا مَنَع اللهُ الثَّمرةَ، بِمَ يأخُذُ أحدُكم مالَ أخِيه؟!» والمعْنى: إنَّما نَهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن هذا البَيعِ؛ لأنَّه قدْ تَتلَفُ الثَّمرةُ فيَخسَرُ المُشتري، ولا يَنْبغي لأحدٍ أنْ يَأخُذَ مالَ أخيهِ باطلًا، وبَيعُ الثِّمارِ قبْلَ أنْ يَبدُوَ صَلاحُها قد يُؤدِّي إلى ذلك؛ لأنَّه إذا تَلِفَتِ الثَّمرةُ لا يَبقى للمُشتري في مُقابلِ ما دفَعَه شَيءٌ