علامة المؤمن
سنن النسائي
أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» قال القاضي يعني ابن الكسار: سمعت عبد الصمد البخاري يقول: حفص بن عمر الذي يروي عن عبد الرحمن بن مهدي لا أعرفه إلا أن يكون سقط الواو، من حفص بن عمرو الربالي المشهور بالرواية عن البصريين وهو ثقة، ذكره في هذا الخبر في حديث منصور بن سعد في باب صفة المسلم سمعته يقول: لا أعلم روى حديث أنس بن مالك المرفوع: «أمرت أن أقاتل الناس - بزيادة قوله -، واستقبلوا قبلتنا، وأكلوا ذبيحتنا، وصلوا صلاتنا» عن حميد الطويل إلا عبد الله بن المبارك ويحيى بن أيوب البصري، «وهو في هذا الجزء في باب ما يقاتل الناس»
يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحديثِ الجليلِ -الذي قِيلَ فيه
إنَّه رُبُعُ الإسلامِ، ومِن أحاديثَ أربعةٍ تَتفرَّعَ عنها جِماعُ آدابِ الخيرِ- أنَّه لا يَتحقَّقُ الإيمانُ الكامِل لأحدٍ مِن المُسلِمينَ -والنفيُ هنا لا يُقصَدُ به نفْيُ أصلِ الإيمانِ، وإنَّما نفْيُ الكَمالِ- حتَّى يُحِبَّ لأخيهِ ما يُحِبُّ لنفْسِه مِن الطَّاعاتِ وأنواعِ الخَيراتِ في الدِّينِ والدُّنيا، ويَكرَهَ له ما يَكرَهُ لنفْسِه، فإنْ رَأى في أخيه المسلِمِ نَقْصًا في دِينِه، اجتهَدَ في إصلاحِه، وإنْ رأَى فيه خيرًا سدَّدَه وأعانَه على الثباتِ عليه والزِّيادةِ منه؛ فلا يكونُ المؤمنُ مُؤمنًا حقًّا حتَّى يَرضَى للنَّاسِ ما يَرضاهُ لنفْسِه، وهذا إنَّما يَأتي مِن كَمالِ سَلامةِ الصَّدرِ مِن الغِلِّ والغِشِّ والحسَدِ؛ فإنَّ الحسَدَ يَقتضي أنْ يَكرَهَ الحاسدُ أن يَفُوقَه أحدٌ في خَيرٍ، أو يُساويَه فيه؛ لأنَّه يُحِبُّ أنْ يَمتازَ على النَّاسِ بفَضائلِه، ويَنفرِدَ بها عنْهم، والإيمانُ يَقْتضي خِلافَ ذلك، وهو أنْ يَشرَكَه المؤمنون كلُّهم فيما أعطاهُ اللهُ مِن الخَيرِ