فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ
بطاقات دعوية
﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ﴾ [الحجر ٩٨]
﴿فَسَبِّحْ﴾؛ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ مُلْتَبِسًا
﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾؛ أيْ: نَزِّهْهُ عَنْ صِفاتِ النَّقْصِ؛ الَّتِي مِنها الغَفْلَةُ عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ؛ مُثْبِتًا لَهُ صِفاتِ الكَمالِ؛ الَّتِي مِنها إعْزازُ الوَلِيِّ؛ وإذْلالُ العَدُوِّ؛
﴿وكُنْ﴾؛ أيْ: كَوْنًا جِبِلِّيًّا؛ لا انْفِكاكَ لَهُ؛
﴿مِنَ السّاجِدِينَ﴾ لَهُ؛ أيْ: المُصَلِّينَ؛ أيْ: العَرِيقِينَ في الخُضُوعِ الدّائِمِ لَهُ بِالصَّلاةِ؛ الَّتِي هي أعْظَمُ الخُضُوعِ لَهُ؛ وغَيْرِها مِن عِبادَتِهِ؛ لِيَكْفِيَكَ ما أهَمَّكَ؛ فَإنَّهُ لا كافِيَ غَيْرُهُ؛ فَلا مَلْجَأ إلى سِواهُ؛ وعَبَّرَ عَنْها بِالسُّجُودِ إشارَةً إلى شَرَفِهِ؛ وما يَنْبَغِي مِنَ الدُّعاءِ فِيهِ؛ لا سِيَّما عِنْدَ الشَّدائِدِ؛ فَقَدْ قالَ (تَعالى): ﴿واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ﴾ [البقرة: ٤٥]؛ ورُوِيَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - كانَ إذا حَزَبَهُ أمْرٌ فَزِعَ إلى الصَّلاةِ؛» ذَكَرَهُ البَغَوِيُّ بِغَيْرِ سَنَدٍ؛ وهو في مُسْنَدِ أحْمَدَ؛ وسُنَنِ أبِي داوُدَ عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ: «كانَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - إذا حَزَبَهُ أمْرٌ صَلّى؛» وفي سُنَنِ النِّسائِيِّ الكُبْرى؛ ومُسْنَدِ أحْمَدَ «عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ: لَقَدْ رَأيْتُنا لَيْلَةَ بَدْرٍ وما فِينا إنْسانٌ إلّا نائِمٌ؛ إلّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - فَإنَّهُ كانَ يُصَلِّي إلى شَجَرَةٍ؛ ويَدْعُو؛ حَتّى أصْبَحَ؛» وفي لَفْظٍ لِأحْمَدَ: «لَقَدْ رَأيْتُنا وما فِينا إلّا نائِمٌ إلّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي؛ ويَبْكِي؛ حَتّى أصْبَحَ؛» ولِأحْمَدَ؛ ومُسْلِمٍ؛ وأبِي يَعْلى؛ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: ”أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ وهو ساجِدٌ“».
(نظم الدرر للبقاعي — البقاعي (٨٨٥ هـ))