فضل الحج 5
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن حبيب وهو ابن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة، قالت: أخبرتني أم المؤمنين عائشة قالت: قلت يا رسول الله، ألا نخرج فنجاهد معك، فإني لا أرى عملا في القرآن، أفضل من الجهاد، قال: «لا، ولكن أحسن الجهاد وأجمله، حج البيت، حج مبرور»
مِن لُطْفِ اللهِ عزَّ وجلَّ بالمسلِمينَ أنَّه إذا أُغلِقَ على أحَدِهم بابٌ مِن أبوابِ البِرِّ، عوَّضَه بآخَرَ يَتوافَقُ مع قُدراتِه واستِعداداتِه، ويَشمَلُ ذلك الرِّجالَ والنِّساءَ
وفي هذا الحديثِ تَسأَلُ أمُّ المؤمنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألَا تُجاهِدُ النِّساءُ؟ وذلك لأنَّ الجِهادَ مِن أفضَلِ الأعمالِ، فَلِمَ لا يُشارِكنَ الرِّجالَ في هذا الفَضلِ العَظيمِ؟ فوجَّهَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أنَّ أفضَلَ الجِهادِ حجٌّ مَبرورٌ، أي: لا تُقاتِلنَ يا مَعشرَ النِّساءِ؛ لأنَّ الجهادَ لم يُشرَعْ لَكُنَّ، وليسَ هو أفضلَ الأعمالِ بالنِّسبةِ لِلمرأةِ، أمَّا إذا أردْتُنَّ أنْ تَعرِفْنَ أفضلَ الأعمالِ وأشرَفَ الجهادِ بالنِّسبةِ إليكُنَّ؛ فإنَّه الحَجُّ المَبرورُ، أي: المَقبولُ عِندَ اللهِ تعالَى المُستوفي لِأحكامِه، الخالي مِن الرِّياءِ والسُّمعةِ والإثمِ والمالِ الحَرامِ
وسُمِّيَ الحجُّ جِهادًا إمَّا مِن بابِ التَّغليبِ، أو على الحَقيقةِ، والمرادُ جِهادُ النَّفسِ؛ لِما فيه مِن إدْخالِ المَشقَّةِ على البدَنِ والمالِ
وفي الحديثِ: أنَّ الجِهادَ ليس مَفروضًا على النِّساءِ
وفيه: أنَّ الجِهادَ مِن أفضَلِ الأعمالِ للرِّجالِ
وفيه: أنَّ الحجَّ مِن أفضَلِ الأعمالِ للنِّساءِ