فضل الصدقة
سنن النسائي
أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: أنبأنا أبو عوانة، عن فراس، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعن عنده فقلن: أيتنا بك أسرع لحوقا، فقال: «أطولكن يدا» فأخذن قصبة، فجعلن يذرعنها، فكانت سودة أسرعهن به لحوقا، فكانت أطولهن يدا، فكان ذلك من كثرة الصدقة "
الصَّدقةُ مِن أفضَلِ الأعمالِ الَّتي يُقَدِّمُها الإنسانُ لنفْسِه، ويَنالُ أجْرَها العظيمَ عندَ الله سُبحانَه وتعالَى
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ بعضَ نساءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَألَتْه أيُّهنَّ أسرَعُ مَوتًا بعْدَه؟ فأجابَهُنَّ بأنَّها أطْوَلُهنَّ يدًا، ففَهِموا هذا الأمْرَ على ظاهرِه فأخَذوا قَصَبةً مِن العِصيِّ لَيقدروا ذِراعَ كلِّ واحدةٍ مِنهُنَّ ويَقيسوه؛ كيْ يَعْلَمْنَ أيهُنَّ أطولُ يدًا مِن غيرِها؛ ظنًّا منهُنَّ أنَّ المرادَ طولُ اليدِ حَقيقةً، فكانتْ سَوْدةُ بنتُ زَمْعةَ رَضيَ اللهُ عنها أطولَهُنَّ يدًا، ثمَّ تبيَّنَ لهُنَّ بعْدَ مَوتِ زَينبَ بنتِ جَحشٍ رَضيَ اللهُ عنها مَقصدُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأطولِهنَّ يدًا، وهو أنَّه أكثرُهنَّ صَدقةً؛ وأراد بطُولِ يدِها كثرةَ إنفاقِها وصَدقاتِها، كما قالتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنه في رِوايةِ مُسلِمٍ في صحيحِه: «فكانتْ أطْوَلَنا يدًا زَينبُ؛ لأنَّها كانت تَعملُ بيَدِها وتصَدَّقُ»، وكانتْ زَينبُ رَضيَ اللهُ عنها أوَّلَ مَن مات مِن زَوجاتِه بعْدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتُوفِّيَتْ رَضيَ اللهُ عنها في خِلافةِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، وبَقيَتْ سَوْدةُ إلى أن تُوفِّيَتْ في خِلافةِ مُعاويةَ، في شَوَّالٍ سنةَ أربعٍ وخمسينَ
وفي الحديثِ: فضلُ ومَنقَبةُ زينبَ بنتِ جَحشٍ رَضيَ اللهُ عنها
وفيه: دَلالةٌ على أنَّ الحُكمَ للمعاني لا للألفاظِ
وفيه: علَمٌ مِن أعلامِ النُّبوَّةِ