﴿ياأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور﴾ (لقمان ٣٣)
قال السعدي رحمه الله:
يأمر تعالى الناس بتقواه، التي هي امتثال أوامره، وترك زواجره، ويستلفتهم لخشية يوم القيامة، اليوم الشديد، الذي فيه كل أحد لا يهمه إلا نفسه فـ {لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا} لا يزيد في حسناته ولا ينقص من سيئاته، قد تم على كل عبد عمله، وتحقق عليه جزاؤه.
فلفت النظر في هذا لهذا اليوم المهيل، مما يقوي العبد ويسهل عليه تقوى الله، وهذا من رحمة الله بالعباد، يأمرهم بتقواه التي فيها سعادتهم، ويعدهم عليها الثواب، ويحذرهم من العقاب، ويزعجهم إليه بالمواعظ والمخوفات، فلك الحمد يا رب العالمين.
{إن وعد الله حق} فلا تمتروا فيه، ولا تعملوا عمل غير المصدق،
فلهذا قال: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا} بزينتها وزخارفها وما فيها من الفتن والمحن.
{ولا يغرنكم بالله الغرور} الذي هو الشيطان، الذي ما زال يخدع الإنسان ولا يغفل عنه في جميع الأوقات، فإن لله على عباده حقا، وقد وعدهم موعدا يجازيهم فيه بأعمالهم، وهل وفوا حقه أم قصروا فيه.
وهذا أمر يجب الاهتمام به، وأن يجعله العبد نصب عينيه، ورأس مال تجارته، التي يسعى إليها.
ومن أعظم العوائق عنه والقواطع دونه، الدنيا الفتانة، والشيطان الموسوس المسول، فنهى تعالى عباده، أن تغرهم الدنيا، أو يغرهم بالله الغرور {يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}