كتاب الاستعاذة 6
سنن النسائي
أخبرني عمرو بن عثمان، قال: حدثنا بقية، قال: حدثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر قال: أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء فركبها، وأخذ عقبة يقودها به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة: «اقرأ»، قال: وما أقرأ يا رسول الله؟، قال: " اقرأ قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق فأعادها علي حتى قرأتها، فعرف أني لم أفرح بها جدا، قال: «لعلك تهاونت بها، فما قمت» يعني بمثلها
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حَريصًا على ما يَنْفعُ أصحابَه رضِيَ اللهُ عنهم وأُمَّتَه مِن بَعدِهم في الدُّنيا والآخِرةِ؛ فكان صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُعلِّمُهم حتَّى تتِمَّ لهم المَنفعَةُ، وتَكمُلَ الفائدَةُ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ الصَّحابيُّ الجَليلُ عبدُ اللهِ بنُ خُبَيبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "خرَجْنا في ليلَةِ مطَرٍ"، أي: ليلةٍ كثيرَةِ المطَرِ، "وظُلْمةٍ شَديدةٍ"، أي: كان الظَّلامُ شديدًا، "نطْلُبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم"، أي: نبْحثُ عنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ "ليُصلِّي لنا"، أي: يُصلِّي بنا إمامًا، "فأدْرَكناهُ"، أي: لحِقْنا بهِ ووجَدْناه، فقال لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أَصلَّيتُم"، أي: هل أدَّيتُمُ الصَّلاةَ؟ قال عبدُ اللهِ: "فلم أقُلْ شيئًا"، أي: فلم أدْرِ ما أُجيبُ وَسَكَتُّ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "قُلْ"، أي: اقرَأْ، فقال عبدُ اللهِ: "ما أقولُ؟"، أي: ما أقْرأُ؟ فعاد عليهِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قولَه: "قُلْ"، فقال عبدُ اللهِ: "ما أقولُ يا رسولَ اللهِ؟"، أي: ما أقرَأُ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "قُلْ"، أي: اقرَأْ، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، أي: اقرَأْ سورَةَ الإخلاصِ الَّتي تَبدأُ بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، "والمعَوِّذتَينِ"، أي: سُورتَيِ الفلَقِ والنَّاسِ؛ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، "حين تُمْسي"، أي: إذا دخَلَ وقْتُ المساءِ، "وحين تُصبِحُ"، أي: إذا دخَلَ عليك وقْتُ الصَّباحِ، "ثلاثَ مرَّاتٍ"، أي: اقرَأْ تِلك السُّوَرَ ثلاثَ مرَّاتٍ حين تُصبِحُ وحين تُمْسي، "تَكفيكَ مِن كلِّ شيْءٍ"، أي: تَحْفظُك مِن كلِّ شرٍّ وتَقيك من كلِّ سوءٍ
وفي الحديثِ: فَضلُ قِراءةِ سُورةِ الإخلاصِ والمُعوِّذتَينِ