كتاب الحروف والقراءات
حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال قيل لعبد الله إن أناسا يقرءون هذه الآية (وقالت هيت لك) فقال إنى أقرأ كما علمت أحب إلى (وقالت هيت لك ).
يسر الله سبحانه وتعالى حفظ كتابه القرآن الكريم، وأنزله على سبعة أحرف تيسيرا وتخفيفا، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فنقل كل منهم ما تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ به
وفي هذا الحديث يقوم ابن مسعود رضي الله عنه بوظيفة العلماء في البيان وتبليغ العلم، ويذكر فيه قراءته رضي الله عنه لقول الله تعالى: {هيت لك} [يوسف: 23]، فقرأها بفتح الهاء والتاء، وقد ذكر أنه قرأها بكسر الهاء وبضم التاء، وبعد أن قرأها هكذا ذكر له أن ناسا يقرؤونها (هيت لك) بالكسر، كما في رواية عبد الرزاق في تفسيره، فقال: وإنما نقرؤها كما علمناها، وفي رواية عبد الرزاق المتقدمة، قال: «إني أن أقرأها كما علمت أحب إلي»، إشارة منه إلى أنه تلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، وهذا القول من ابن مسعود يبين تمسكه بما صح عنده وما تعلمه مباشرة من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ردا للقراءات الأخرى، وقد عرفت روايات القرآن كلها، وحدد المتواتر منها الذي تصح القراءة به من غيره، والقراءة سنة متبعة لا مجال للاجتهاد فيها. وهذا الموضع فيه أكثر من قراءة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناه: هلم، أو تعال، أي: ها أنا ذا مهيئة لك، فأسرع في الإقبال علي، وجاء في رواية عبد الرزاق أيضا أنه قال: «قد تسمعت القراء فسمعتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف»
ومناسبة ذكر قوله تعالى: {بل عجبت ويسخرون} [الصافات: 12] هنا، قيل: هو لبيان أن ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ التاء في {هيت} كما يقرؤها في {عجبت}، وفي تاء {عجبت} قراءتان: الضم، وعليه يكون المعنى: بلغ من عظم آياتي أني عجبت منها، أي: استعظمتها ومع ذلك يسخر منها هؤلاء لفرط جهلهم وعنادهم. والفتح، وعليه يكون المعنى: هو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: عجبت من تكذيبهم إياك وهم يسخرون من تعجبك، أو عجبت من تكذيبهم بالبعث وهم يسخرون من أمره
وفي الحديث: جانب من علم ابن مسعود رضي الله عنه بقراءة القرآن ومعانيه
وفيه: أن قراءة القرآن إنما تكون بالتلقي لا بالاجتهاد