كتاب الضحايا 3
سنن النسائي
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان قال: حدثني عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره، ولا من بشره شيئا»
الأُضحيَّةُ هي ما يُقدِّمُه القادرون قُربةً للهِ في أيَّامِ عِيدِ الأضحى، فيَذبَحُ كلُّ واحدٍ على حسَبِ استطاعتِه وما يَقدِرُ عليه مِن الأنعامِ؛ مِن الإبلِ أو البقَرِ أو الضَّأنِ، وعلى المُضحِّي أنْ يَتَّبِعَ السُّننَ والآدابَ الشَّرعيَّةَ؛ لأنَّها إنْ تَمَّت على وَفْقِ الشَّرعِ ووَفْقِ أهدافِه أعْطى اللهُ للمسْلمِ ثَوابًا عظيمًا
وفي هذا الحديثِ يَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذبَحُه» أَي: عِنده قُدرةٌ واستطاعةٌ أنْ يَذبَحَ ما يُمكِنُه مِن الإبلِ أو البقرِ أو الغنمِ ممَّا تَوافرتْ شُروطُه الشَّرعيَّةُ، فإذا ثَبَتَ دُخولُ شَهرُ ذي الحِجَّةِ بظُهورِ هِلالِه، فعَلَى مَن أَرادَ أنْ يُضحِّيَ ألَّا يَأخُذَ شَيئًا مِن شَعرِه، سَواءٌ كانَ شَعرَ الرَّأسِ أو شَعرَ الإِبْطِ أو العانةِ، ولا مِن أَظفارِه، سَواءٌ كانَ ظُفرَ يدٍ أو رِجلٍ، بلْ يَترُكُ ذلك كلَّه حتَّى يَذبَحَ أُضحيَّتَه، وفي ذلك تَشبُّهٌ بالمُحْرِمِ، فكَما أنَّ المُحرِمَ بالحجِّ في ذلك الوقتِ لا يَأخُذُ شَيئًا مِنَ شَعرِه أوِ أظْفارِه، فكَذلكَ غَيرُ المُحرِمِ له نَصيبٌ مِن شَعائرِ النُّسُكِ، فَأَمَرَه ألَّا يَأخُذَ شَيئًا مِن شَعرِه وأَظفارِه، فيَستشْعِرُ بذلك ما عليه المحْرِمون مِن أحوالٍ، ويَتذَكَّرُ ما هُم فيه مِن رَحمةٍ ورِضوانٍ، فَيسأَلُ اللهَ مِن فضْلِه، ويَرْجو رَحمتَه، ويَخْشى عَذابَه