لبن الفحل 3
سنن النسائي
أخبرنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي، عن أيوب، عن وهب بن كيسان، عن عروة، عن عائشة: أن أخا أبي القعيس استأذن على عائشة بعد آية الحجاب فأبت أن تأذن له، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ائذني له فإنه عمك» فقلت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال: «إنه عمك، فليلج عليك»
للرَّضاعِ أحكامٌ كَثيرةٌ في الإسلامِ، وقدْ جاءَتْ بَعضُ أحكامِه في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعْضَها الآخَرَ في أحاديثَ كثيرةٍ، ومنها قاعدةٌ عامَّةٌ أنَّ الرَّضَاعَةَ تُحرِّم ما يُحرِّمُه النَّسَبُ
وفي هذا الحديثِ تَحكي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه جاءَها عَمُّها مِنَ الرَّضَاعةِ، واسمُه أفلحُ، فاسْتأذَنَ؛ لِيَدخُلَ عليها، فرفَضَتْ، حتَّى تَسْألَ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن جَوازِ ذلك، فسَألَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ لها: إنَّه عمُّكِ مِنَ الرَّضاعةِ، فأْذنِي له، فقالتْ له: إنَّما أَرْضَعتْنِي المرأةُ، ولم يُرْضِعنِي الرَّجُلُ، وذلك أنَّها ارتضَعَتْ مِنَ امرأةِ أبي القُعَيْسِ، وأفْلَحُ أخو أبي القُعَيْسِ، فظنَّتْ عائشةُ رضِي اللهُ عنها أنَّه بذلك لا يَصيرُ عمَّها مِنَ الرَّضاعةِ، فأكَّدَ لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه عمُّها مِنَ الرَّضاعةِ، وقال لها: «فَلْيَلِجْ عليكِ» يعني: فلْيَدخُل عليكِ، وكان ذلك بعْدَ أنْ فُرِضَ الحجابُ
ثم قالت عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ»، أي: إنَّ إرضاعَ المرأةِ طِفلًا غيرَ وَلَدِها تَترتَّبُ عليه أحكامٌ شَرعيَّةٌ؛ فكلُّ ما ورَدَ تَحريمُه مِن النَّسَبِ فإنَّه يَحرُمُ مِن الرَّضاعِ أيضًا، فإذا كان العَمُّ من النَّسَبِ يحرُمُ على المرأةِ، فإنَّ العَمَّ من الرَّضاعِ يحرُمُ أيضًا
وفي الحَديثِ: بيانُ تحَرِّي المؤمنِ فيما لم يظهَرْ له حُكمُه الشَّرعيُّ حتى يَعرِفَه