ما لا يجوز للمحرم أكله من الصيد 3
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أنبأنا قيس بن سعد، عن عطاء، أن ابن عباس، قال لزيد بن أرقم: ما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم، «أهدي له عضو صيد، وهو محرم فلم يقبله»، قال: نعم
الحجُّ رُكنٌ مِن أَركانِ الإسْلامِ، وهوَ عِبادةٌ لمَنِ استَطاعَ إليها سَبيلًا، وَفيها تُمنَعُ بعضُ المُباحاتِ عَلى مَن أحرَمَ بالحجِّ، ومِن هَذه الأُمورِ أنَّ اللهَ سُبحانَه قالَ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]
وَفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ طاوسُ بنُ كَيْسانَ اليَمانيُّ أنَّ زيدَ بنَ أرْقَمَ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ منَ الكوفةِ إلى عبْدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، فطَلبَ منه ابنُ عبَّاسٍ أنْ يَذكُرَ لَه ما أَخبَرَه بهِ قبلَ ذلكَ مِن فِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَع صَيدِ البَرِّ الَّذي أُهدِيَ لهُ لَحْمٌ مِنه وهوَ مُحرِمٌ بالحجِّ، يَعني: هل قَبِلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَكلَ مِنه أمْ رَدَّه؟ فأخبَرَه زَيدُ بنُ أَرقَمَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا أُهدِيَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَحْمٌ، وعَلِمَ أنَّه مِن صَيدِ البَرِّ، ردَّ الهَديَّةَ وَلم يَقبَلْها ممَّن أَهْداها لَه، ثُمَّ بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للرَّجلِ المُهْدي أنَّه رَدَّ الهديَّةَ؛ لأنَّه مُحرِمٌ، والمُحرِمُ لا يَأكُلُ مِن صَيدِ البَرِّ
وقدْ جاءَ في الصَّحيحَينِ عنْ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكَلَ من صيدِه وهو محرِمٌ، ولم يكنْ أبو قَتادةَ محرِمًا حينَ صادَ هذا الصَّيدَ الَّذي أكَلَ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجمَعَ العُلماءُ بينَ الحَديثَينِ بأنَّه ردَّ الأوَّلَ؛ لأنَّ الرَّجلَ صادَه لأَجْلِه، وأَحلَّ صيدَ الثَّاني؛ لأنَّ المُحرِمَ ليسَ له أَثرٌ في هذا الصَّيدِ ولم يصِدْ من أجْلِه، فما يَصيدُه الحَلالُ لنفْسِه ثُمَّ يُهْدي منه للمُحرِمِ، فلا شيءَ فيه، ويأكُلُه المحرِمُ
وَفي الحَديثِ: بيانُ هَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ ردِّ الهَديَّةِ، وأنَّه يَذكُرُ سَببَ رَدِّها، وهو مِن مَحاسنِ أخْلاقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ