محاضرة 23

بطاقات دعوية


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
 هذه المحاضرة هى الثالثة  والعشرون من علم العقيدة ، وذكرتُ فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍ أذكر ُمنها:-
. بينتُ كيف تحددُ أن هذا الجزء واجبٌ فى الماهية 
. وكذلك بينتُ كيف تحدد أن هذا الجزء مستحبٌ فى الماهية
.  وكذلك بينتُ أن الإيمان يتضمنُ ثلاثة أجزاء كلها أركانٌ 
الأول / منها أن نؤمن بأن الله عز وجل هو ربُ كل شىءٍ ومليكهُ 
وهو الخالق وهو الرازق وهو المحيى والمميت عز وجل ،وهذا الركنُ من أهمِ الأركان التى يجبُ على كل مسلمٍ أن يتعرف عليه بدقةٍ شديدة وهذا الركنُ هو المعروفُ عندنا بتوحيد الربوبية ، لأن كثيراً من المشركين يُقرون بكثيرٍ من مضمونِ هذا التوحيد فإنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن الله هو الخالق الرازق وأنه سبحانه وتعالى له صفاتٌ كثيرة كما سيأتى.
.بينتُ كذلك الجزء الثانى كعنوان أن نؤمن بأن الله هو المعبودُ بحقٍ لا إله إلا هو.
.  وبينتُ الجزئية الثالثة كعنوان أن نؤمنَ بأن الله له الأسماءُ الحُسنى والصفاتُ العلى.
. بينتُ أن قولهُ تعالى (وخلق كل شىء) لا يدخل فيه أبتداءاً لأن العبارة التى يُخبرُ بها عن شىء ليست من هذا الشىء كما أسلفتُ ذلك.
اليوم إن شاء الله تعالى نبدأُ ببيان الجزءُ الثانى من الإيمان ألا وهو أن نؤمن بأن الله هو المعبودُ بحقٍ أعنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله ومعنى هذه الكلمة لا إله معبودٌ بحقٍ إلا الله 
وإياك أن تقول معناها لا إله معبود إلا الله 
أو تقول معناها لا إله موجودٌ إلا الله 
لو قلتَ أن المعنى لا إله موجود إلا الله 
إذاً هذا استثناء مفرغ يعنى لو حذفتَ لا النافية للجنس وحذفتَ أداة الإستثناء 
إذاً معنى الكلام كلُ إلهٍ موجود هو الله وهذا عياذٌ بالله ضلالٌ مبين 
ولو قلتَ أيضاً لا إله معبود إلا الله نفسُ القضية 
إذاً كلُ إلهٍ يُعبد هو الله فمن الناسُ من يعبد الشجر منهم من يعبد الحجر منهم من يعبد الناموس منهم عياذاً بالله من يعبد الفئران إلى غيرِ ذلك من الأمور ، فمن هذا الذى يدعى أن هذا هو المعنى وإن تورط فيه جمهرة كبيرة جداً من الناس ، ولكن لو قلت لا إلهٍ معبودٍ بحقٍ إلا الله فحذفت لا النافية وأسقطت أداة الإستثناء 
إذاً إلهٍ معبودٍ بحق هو الله عز وجل لا يُوجد غيره سبحانه وتعالى ، لذلك من المهمِ جداً أن تتعرف على إعراب كلمة التوحيد 
لا إله إلا الله 
لا / حرف نفى مبنى على السكون وهذه هى لا النافية للجنس يعنى ما بعدها لا وجود لها فلو قلنا مثلا لا سيارة فى الشارع إذاً جنس السيارات غير موجود أصلاً ، إذاً لا هى النافية للجنس 
إله / اسم لالأن لا تعمل عمل إن مبنى على الفتح فى محل نصب لأن اسم لا منصوب ولكن مما لا شك فيه أن اسم لا لو كان مُفرداً فيبنى كما هو معلوم فى علم النحو 
معبودٌ / خبر لا مرفوع 
بحقٍ / جار ومجرور شبه جملة إن جاء بعد النكرات كان صفات قوله بحقٍ صفة لماذا؟ لمعبود  
إلا / أداةُ استثناء مفرغ يعنى ماذا مفرغ ؟ يعنى لو حذفت لا النافية للجنس وإلا صح الكلام كانك تقول لا أحد إلا فلان يبقى تقول أحدٌ فلان هذا معروف 
الله / لفظ الجلالة بدل من الضمير المُستكن فى معبود لتقول لا إله معبود بحقٍ إلا الله معبود مفعول فالضمير المُستكن فيها نائب فاعل إذاً لفظ الجلالة هنا بدلٌ من هذا الضمير الذى هو نائبُ فاعل 
هذا المعنى هو الذى يُعرفُ فى علم العقيدة بتوحيد الإلوهية وهذا هو الجزءُ الثانى من أجزاء الإيمان التى هى ركنٌ من الأركان كما سنبين ذلك بالتفصيل 
 الله سبحانه وتعالى يقول فى محكم التنزيل ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) [سورة محمد :19 ] 
آية فى غاية الخطورة ولابد وأن نقف على معناها 
فاعلم هذا فعل أمر وأنتم تعلمون أن فعل الأمر يقتضى الوجوب
 قال تعالى (وأقيموا الصلاة ) 
اقيموا فعل أمر 
إذاً الصلاةُ واجبة 
فلما يقول (فاعلم أنه لا إله إلا الله ) 
إذاً يجبُ عليك أن تعلم لا إله إلا الله 
تعلمُ ماذا فيها ؟ 
تعلمُ حرفها أى لا إله إلا الله 
تعلمُ ماذا كما سيأتى بالتفصيل ؟
تعلمُ معناها أى لا إله معبودٍ بحقٍ إلا الله 
تعلمُ ماذا ؟
تعلمُ شروطها كما سيأتى إن شاء الله تعالى 
تعلمُ ماذا؟ 
تعلمُ مراتبها كما سيأتى إن شاء الله تعالى 
تعلمُ ماذا ؟
تعلمُ مقتضاها سبحان الله العجبُ أن المسلمين إلا من رحم الله يقولوا كلمة التوحيد ولا يدرى أصلاً معناها ، لذلك عياذاً بالله تعالى مشركوا قريش أفقهُ من كثيرٍ من المسلمين الآن بمعنى لا إله إلا الله ، لذلك لما دعاهم النبى صلى الله عليه وسلم  إلى لا إله إلا الله تعجبوا من ذلك (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) [سورة ص :5]
إذاً فهموها جيداً فهموا ما المراد منها ليست مجرد كلمة أنت تقولها بل لابد وأن تعلم الأمور التى ذكرتُها أنفاً وسيأتى تفصيلُ ذلك إن شاء الله تعالى عندما أتحدثُ عن توحيد الألوهية.
هنا فائدة فى هذه الآية ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) [سورة محمد :19 ]
هذه الآية فى الحقيقة هى حدُ الإيمان فأنتم تعلمون أن الإيمان قولٌ باللسان وتصديقٌ بالجنان وعملٌ بالجوارح أو الأركان هذه هى الصيغة التى يعرفها عموم المسلمين ولكن التفصيل
 أن الإيمان قولٌ وعمل 
وأن القول قولان قولُ اللسان وقولُ القلب 
وأن العمل عملان عملُ القلب وعملُ الجوارح 
إذاً فى القلب قول القلب وعملُ القلب وهذا ما يُسمى بالتصديق 
إذاً تصديقٌ بالجنان أى اجتماعُ قول القلب مع عمل القلب ثم قولُ اللسان ثم عملُ الجوارح 
فقولُ اللسان انتبه لو أردنا أن نطبق هذا المفهوم على هذه الآية فقولُ اللسان هو النطقُ بلا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله لأن هذا من مُقتضاها مما لا شك فيه فهذا هو المسلم ودخل فى الإسلام وجرى عليه القلم بما سيفعل قولاً واحداً وهذا لا يُنافى أن القلمَ يجرى عليه حال كفرهِ على تفصيلٍ معروفٍ فى الأصول ، نعم هذا هو قولُ اللسان لا إله إلا الله ولكن عند من عند أهل السنة وفقط أما عند الضُلال كالأشاعرة فإنهم يقولون هذه الكلمة لا تُثبت إسلاماً حتى تثبت بطريق الحدوث أن هناك رباً أصلاً كما قال الغزالى وأمثاله فى الإحياء وفى غيرها وقد بينتُ طرفاً من هذا فى محاضرات الأشاعرة فى كلمات ثم قال (واستغفر ) أنت تدرى ما هى الطاعة؟ ما هى التقوى؟ التقوى فعلُ المأمور وتركُ المحظور 
إذاً ما معنى واستغفر ؟
إذاً هذا مُلتزمٌ بماذا؟
مُلتزمٌ بفعل المأمور 
مُلتزمٌ بتركِ المحظور
طيب هذا الذى مُلتزمٌ بفعل المأمور ، مُلتزمٌ بترك المحظور سمِع بهم أولاً ثم أمتثل ثانياً أم لا ؟
إذاً فى حقيقة الأمر لفظ واستغفر باللزوم 
أن المُستغفر يعلمُ الخبر وهذا قولهُ تعالى سمعنا 
ثم يعلمُ وجوبُ الطاعة وهذه الثانية
 قصر فى بعض ذلك كأنه ترك بعض المأمور أو فعل بعض المحذور فأُمر بالإستغفار 
لذلك هذه الآية فى غايةِ الخطورة وهى تدلُ على مذهبِ أهل السنةِ والجماعة قولاً واحداً وتردُ على جميع طوائف المرجئة بأقلهم إرجاءاً كمرجئة الفقهاء ومرجئة هذا العصر ومرجئة المتكلمين وأشرهم الأشاعرة فى مسألةِ الإرجاء لأنهم على نهجِ من ؟
على نهجِ الجهمية عياذاً بالله تعالى.
 توجدُ فى هذه الآية فوائد آخرى أن لفظ (واستغفر لذنبك) الإستغفارُ يبطلُ مذهب من ؟ 
يُبطلُ مذهب القدرية عياذاً بالله تعالى حيثُ يزعمونَ أن الأمورُ قُدرت وكل الذى وقع ليس منا إلى آخر الكلام ، وأيضاً هذا فيه ردٌ خطير فى هذه الآية على الجبرية وذلك من قوله ( سمعنا وأطعنا ) فأطعنا هذا اختيار والجبرية يزعمون أننا مُجبرون على كلِ شىءٍ لأنه فى الحقيقة لا استغفار إلا بعد العمل ولا عمل إلا بعد الخبر وعليه فتوحيدُ الله هو أن تُفرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة فلا شريك له ولا معين له كما سيأتى ذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى ، لذلك من الآيات العجيبة تحت هذه الجزئية آية النمل يقول المولى عز وجل (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [سورة النمل:63]
 أإله الهمزة هذه تُسمى بالهمزة الإستفهامية ولكن الإستنكارية لما؟
لأن الله عز وجل لا يغيبُ عنه شىء أتظنُ بأن الله عندما سأل هذا السؤال لا يدرى؟ 
بل يدرى سبحانه وتعالى ما كان وما يكونُ وما سيكونُ وما لم يكن لو كان كيف يكونُ، يعلمُ سبحانه وتعالى جوابَ كل سؤالٍ لما ؟
 فهو الخالق للسؤال وهو الخالق للسائل لذلك الإستفهام هنا استفهامٌ تضمنَ استنكاراً شديداً والمعنى (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) المعنى لا إله إلا الله هذا هو الجواب المتعين وهذا النص أيضاً من عجائبه أنه يدلُ أيضاً على الإيمان وأن الإيمان قولٌ وعمل وأما القولُ فى قوله ((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) أى لا إله إلا الله وهذا معناها أى قِر بالوحدانية لله سبحانه وتعالى فإن قُلتَ أين العمل إذاً؟قلتُ تعالى الله عما يُشركون
إذاً الذى لا يُشرك فقد عمل مايُثبتُ التوحيد إلى آخره من الكلام لذلك الذى لم يُحل ما أحله الله الذى لم يُحرم ما حرمه الله هذا عياذاً بالله تعالى من الذين أشركوا بالله تعالى عز وجل .
تتذكرون حديث عدى بن حاتم رضي الله عنه لما قدمَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  وهو نصرانيٌّ فسمعه يقرأُ هذه الآيةَ : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ قال : فقلتُ له : إنَّا لسنا نعبدُهم ، قال : أليسَ يحرمونَ ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونَه ، ويحلُّونَ ما حرَّمَ اللهُ فتحلُّونَه ، قال : قلتُ : بلى ، قال : فتلك عبادتُهم . 
وهذا يُبين مذهب أهل السنة والجماعة قولاً واحداً لأن أهل السنة والجماعة يقولون أن العلاقة بين القلب وبين الجارحة علاقةُ تلازم فكل شىء قَر فى القلب لابد وأن يظهر له أثر على الجارحة وهذه مسألة كبيرة جداً إن شاء الله تعالى تأتى فى كلامنا على مسألةِ الإيمان ، لذلك هذا النص جعل تحليل ما حرم الله عبادة وعبادةُ غيرِ الله شركٌ ، إذاً حتى تنجوَ من الشرك عليك أن تفعلَ المأمور وتترك المحظور وهذا هو العمل ، إذاً يُؤيد هذه الجزئية قوله تعالى ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة آل عمران :18] 
فإن كان الله عز وجل قد شهدَ أنه واحدٌ فمن هذا الذى ينقُضُ هذه الشهادة 
واحدٌ فى ماذا؟ واحدٌ فى ذاته 
واحدٌ فى ماذا؟ واحدٌ فى صفاته 
واحدٌ فى ماذا؟ واحدٌ فى أفعاله 
ليس كمثله شىء
شهد الله على نفسه بأنه واحد فمن هذا الذى يستطيع أن يقول بأنه أثنان تعالى الله علواً كبيراً عما يقولُ الظالمون ، فإذا طُلب منك أن تشهدَ أن مع الله ألهة قل لا أشهد ، من عجائب هذا الحديث مع هذه الآية أن الله عز وجل زكى أهل العلم وقال عنهم (أولو العلم ) أى أصحاب العلم فأصحابُ العلم شهدوا أن الله  عز وجلواحد ، إذاً كلما أرتقيت فى العلم كلما حققت لا إله إلا الله انتبه إلى هذه الجزئية فإنها خطيرة فإنها خطيرة جداً نكرر هذه قال تعالى مذكياً أهلَ العلمِ (أولو العلم ) أى أصحاب العلم شهدوا بوحدانية الله عز وجل إذاً يُؤخذُ منها كلما أرتقيت فى العلم أرتقيت فى تحقيقِ لا إله إلا الله أيقولُ عاقلٌ أننا نحققُ لا إله إلا الله كما حققها النبى صلى الله عليه وسلم  أو كما حققها أكابر الصحابة ؟ الجوابُ مما لا شك فيه هو لا ، لذلك كلما أبتعدت عن العلم كلما أبتعدت عن لا إله إلا الله لأن العلم أصلاً يهتفُ بالعمل لذلك نقول علمٌ نافع وعملٌ صالح فلا يُسمى العلم ُ نافعٌ أبداً إلا إذا أقترن بالعملُ الصالح لذلك يقول المولى سبحانه وتعالى (  قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) [سورة الأنعام :19]
لذلك كثيرٌ من المسلمين للآسف يٌشركون فى الأقوال ويُشركون فى الأعمال جمهرةٌ كبيرة جداً منهم جُهال لا يدرون شيئاً وهذا بسبب 
أولا / لا يُوجد من يدعوهم إلى لا إله إلا الله كما ينبغى ولم ينفق كثيرٌ من الناس من المتصدرين للعلم جهداً فى هذا الباب ضف إلى ذلك إهمال التوحيد من أجل دُنيا فانية نسأل الله السلامة والعافية ، لذلك الله عز وجل يُبين أن المشركين كاليهود والنصارى وأمثالهم وقعوا فى هذه الأمور لذلك يحكى المولى عز وجل ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [سورة المائدة:73]
إذاً المعنى الذى يدعوك الله سبحانه وتعالى له أن تؤمن إيماناً جازماً أن الله واحدٌ أحد فردٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد 
هذا فى توحيد الألوهية وقبله كذلك فى توحيد الربوبية لا شريك له فى ملكه ولا شريك له فى خلقه ولا شريك له فى رزقه ولا شريك له فى أى شىءٍ فسلم توحيد الربوبية وسلم توحيد الألوهية لا شريك له فى ملكه ولا شريك له فى عبادته  ولا مُعين له سبحانه وتعالى وكلُ ذلك سيأتى إن شاء الله تعالى بشىءٍ من التفصيل 
الجزئية الثالثة / والتى هى المُكون الثالث للإيمان والركنُ الثالث ألا وهو أن تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى له الأسماءُ الحسنى والصفات العليا وأنه سبحانه وتعالى منزهٌ عن كلِ عيبٍ ونقص.
لذلك يقول المولى سبحانه وتعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)  [سورة الأعراف :180]
وقال تعالى ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [سورة طه:8]
وقال تعالى(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) [سورة الإسراء:110]
فهذه النصوص وغيرها أثبت أن لله عز وجل أسماء حسنى وعلى عجالة إياك أن تظن أنها تسعةٌ وتسعون هذا فهمٌ خطأ للحديث وسيأتى إن شاء الله تعالى فإن أسماء الله غير محصورة أصلاً كما فى كثيرٍ من النصوص منها كتاب الله الحديث الذى فيه الأسماء تسعة وتسعون وسردوها مع ضعف هذا السرد لم يذكروا فيها اسم الرب أصلاً.
إذاً هذه النصوص تُثبت أن لله أسماءً حُسنى هذه واحدة وأنتم تعلمون أن أسماء الله الحسنى مُشتقة من صفاته فإذا كانت الأسماءُ حُسنى تعين أن الصفات عليا أن الصفات صفات كمالٍ وجلالٍ وعظمة لرب لسماوات والأرض سبحانه وتعالى قطعاً كل هذا سنثبته عن قريب فى مكانه إن شاء الله تعالى ، ولكن أُضيفُ هنا كلمة يعنى فى غايةِ الأهمية خُذها مؤقتاً قُلتُ فى بداية الكلام  أن أسماء الله مشتقة من صفاته أحفظ لأن أهل البدع والضلال عياذاً بالله تعالى معلوماتهم عن لغة العرب ضعيفة بشكلٍ خطير فلما قال ابن قيم الجوزية ومن قبله وقال ابن تيمية ومن قبله أن الأسماء مشتقة من الصفات  قال الإشتقاق إذاً يوجد أول وآخر وطالما يوجد أول وآخر إذاً الصفات مخلوقة هذا عياذاً بالله تعالى عقول لا تدرى ماذا يخرجُ من رأسها فإن الإستشقاق نوعان:
الأول / اشتقاق تولد كخروجك أنت من أمك وأبيك 
الثانى / اشتقاق اللزوم 
وإن أهل السنة قاطبة لما قالوا أن الأسماء  مشتقة من الصفات قصدوا الثانى ولم يرد الأول أبتداءاً على قلوبهم فهذا عياذاً بالله تعالى من ترهات أهل الكلام وإن حسُنَت أسماءه عز وجل كُلها وعلت صفاته جميعها قطعاً إذاً هو منزهٌ عن ماذا؟ عن كل عيبٍ عن كل نقصٍ فالأسماءُ كُلها حُسنى والصفاتُ كُلها عليا فهل يوصف بالنقص بعد ذلك ؟ هل يوصفُ بالعيب بعد ذلك كما فعلت اليهودُ وأمثالهم؟
بل هو منزهٌ سبحانه وتعالى عن كلِ ذلك ، لذلك يقول المولى سبحانه وتعالى كما فى آيات مريم 
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) [سورة مريم:88] 
انظر (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) [سورة مريم 91:89] 
انظر كلمة قالوها أن للرحمن ولدا واعتقدوها 
انظر هذه الكلمة ما الذى سيترتب عليها؟
انظر (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا)[سورة مريم 91:89] 
إذاً هذه كلمة عظيمة جدا جداً والله الذى لا إله إلا هو من المسلمين من يقولُ أفظع من ذلك تسمعوا من يقول أن التمسح بالأضرحة والتبرك بها جائز مشروع إذاً تمسح النصارى بعيسى أشرف من الحديد وأشرف من القبور أجعلتموها ولداً لله عز وجل بل هى فى مرتبة أقل من المسيح على نبينا عليه الصلاة والسلام فهذا حيىٌ وهذا جماد هذا حيىٌ وهذا ميتٌ هذه حيىٌ نبىٌ ورسول ومن أولى العزم من الرسل وهذه الأحجار من ماذا !! أمرٌ عجيب انظر لمن أرد أن يشرك بالله عز وجل بأن وصف الله بأن له ولداً هذا مما لا شك فيه نقصٌ وعيب هذا عياذاً بالله تعالى وصفٌ للبارى سبحانه وتعالى بأنه منبع للنقائص والمعائب العجب أن الله عز وجل لما أراد أن يرد على النصارى انظروا الرد كلمة واحدة أبطل بها سبحانه وتعالى زعم النصارى بأن لله ولدا أو أن عيسى وامه ألهة من دون الله عز وجل انظر ماذا يقول المولى عز وجل ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة المائدة:75]
انتهت المسألة 
يوجد إله يأكل لما ؟ 
لأن الذى يأكل فقير إلى الأكل 
يوجد إله يشرب ؟
الذى يشرب فقيرٌ إلى الشرب والله عز وجل غنىٌ والغنى وصفٌ لازمٌ لنفسه سبحانه وتعالى كما أن الفقر وصفٌ لازم لكل مخلوق ولابد ، لذلك يقول المولى سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[سورة فاطر:15]
أقول ما أثبت الله عز وجل لنفسه الأسماء الحسنى والصفات العلى نفي عن نفسه سبحانه كل النقائص وكل المعائب نصاً ودفعاً للإيهام أعنى نصاً أى نص على ذلك ودفعاً للإيهام قد يتوهم البعض من بعض النصوص نقائص ومعائب فالله عز وجل دفع هذا الوهم إما بجملة اعتراضية وهذا كثير جداً فى كتاب الله كما سيأتى ، لذلك يقول الولى عز وجل (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) [سورة ق :38]

  أى من تعب ونصب غير موجود لا وجود له أصلاً ويكفى فى ذلك الآية الجامعة آية الشورى ( فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [سورة الشورى :11]
أثبت لنفسه عز وجل الأسماء الحسنى السميع البصير والصفات العليا أنه ذو سمعٍ وذو بصر وفى نفس الوقت نفى عن نفسه النقائص والمعايب كالتشبيه كالتجسيم كالتعطيل كالتحريف كالتأويل فقال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) 
أناأُقربُها على عجالة انظر قال تعالى ( إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [سورة الانسان:2]
من هذا ؟ 
المخلوق سميعاً بصيراً ، إذاً الوصفان هنا للمخلوق
 انظر وهو السميع البصير انظر سمعُ من هذا وبصرُ من هذا بصرُ الله إذاً الله عز وجل والمخلوق اشتركا فى اللفظ وفقط أما كيفية السمع والبصر عند المخلوق قطعاً معروفة عند الخالق الله أعلمُ بها خذ هذه على عجُالة 
سل هؤلاء المتنطعون الله ذات أم لا؟ 
فإن قال لا فإنه لا يشكُ عاقل بأنه أكفر من ابليس 
لما؟ 
لأن الذى لا ذات له هو العدم فقد حكم بأن الله عدم عياذاً بالله تعالى 
فإن قال له ذات قل له وأنا لى ذات 
فهى واحدة من ثنتين إما أن تقول بقولى بأن له ذات وكيفيتها لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى وإما عياذاً بالله تعالى تقع فى شر مستطير كما هو معلومٌ فى بابه .
الآية تثبتُ للخالق أنه سميع بصير فوجب علينا أن نثبت الوصفين وكل الصفات التى ثبتت فى كتاب الله وثبتت فى سنة رسول الله عز وجل ونعلمَ معناها وكيفيتها لا يعلمهُا إلا الله كما أنا كيفية الذات لا يعلمُها إلا الله سبحانه وتعالى إن علِمتَ ما سبق تبين أن الإيمان بالله تضمن أنواع التوحيد الثلاثة 
توحيدُ الربوبية وهو ركنٌ من الأركان 
وتوحيد الألوهية وهو ركنٌ من الأركان 
وتوحيدُ الأسماءُ والصفات وهو ركنٌ من الأركان 
 توحيد الربوبية المتمثل فى أن الله هو الخالق الرازق المحيى المميت رب كل شىءٍ ومليكه 
توحيد الألوهية والمتمثل فى لا إله إلا الله أى لا إله معبود بحق إلا الله 
وتوحيد الأسماءِ والصفات متمثل فى أن لله الأسماء الحسنى والصفات العلى وأنه منزهٌ عن كلِ عيبٍ ونقص إلى هنا تنتهى العلاقة الأولى للإيمان بالله عز وجل ألا وهو التضمن .
ومعنى الآن علاقة ثانية فى غاية الخطورة ألا وهى علاقة اللزوم أنا أُقربها بمثال قبل أن أدخل فيها ، ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم  أنه قال (ثمنُ الكلب حرام ) أو نهى عن ثمن الكلب فلو قلتُ لك منطوق هذا الحديث يحرمٌ ماذا؟ 
يُحرم ثمن الكلب لو قلت بأن منطوق هذا الحديث يحرمُ بيع وشراء الكلب هذا ليس بعلم منطوق الحديث ليس فيه ذلك.
إذاً المنطوق حرم ثمن الكلب ولكن تحريم البيع والشراء من لوازم الثمن لأنه لا ثمن إلا مع بيعٍ وشراء فكذلك علاقة اللزوم خطيرة لو رسمت ثلاث دوائر دائرة كبيرة وبداخلها دائرة أصغر وبداخلها دائرة أصغر واكتب على الدائرة الكبيرة توحيد الأسماء والصفات والدائرة التى بداخلها توحيدُ الألوهية والدائرة التى بداخلها توحيد الربوبية ، إذاً الدائرة الكبيرة توحيدُ ماذا؟ الأسماء والصفات التى بداخلها الألوهية التى بداخلها الربوبية اصنع سهماً من الخارج للداخل واكتب عليه تضمن واصنع سهما من الداخل للخارج واكتب عليه لزوم سأبين هذا الكروكى إن شاء الله تعالى الآن 
أولاً لما قلنا إن الدائرة الكبيرة هى توحيد الأسماء والصفات طيب الدائرة الكبيرة تتضمن الدائرتين بداخله أم لا؟ الجوابُ نعم إذاً توحيدُ الأسماء والصفات انتبه يتضمنُ توحيد الألوهية ويتضمنُ توحيد الربوبية ما معنى يتضمن؟
أى أن توحيد الألوهية جزءٌ من توحيد الاسماء والصفات
 وأن توحيد الربوبية جزءٌ من توحيد الاسماء والصفات
اترك الدائرة الكبيرة وادخل على الدائرة التى هى اصغر التى هى توحيد الألوهية بداخلها ماذا؟
توحيد الربوبية إذاً توحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية أى أن توحيد الربوبية جزءٌ من توحيد الألوهية 
ولو نظرت من الداخلِ إلى الخارج وهو اللزوم أن توحيد الربوبية يعنى ماذا؟ 
من أثبته ألزمناه بأن يثبت ماذا؟
 توحيد الألوهية ألزمناه بان يثبت ماذا؟
توحيد الأسماء والصفات 
ولو خرجت إلى توحيد الألوهية من أثبته ألزمناه بأن يثبت توحيد الأسماء والصفات 
فهذا الكلام كما ترى خريطة واضحة المعالم ولكن نقف مع كل جزئية منها إن شاء الله تعالى لنثبتها ، كما لا يخفى على حضراتكم أن المشركين يُقِرون بتوحيد الربوبية (فى الجملة ) يعنى أهمُ الأشياء يثبتونها ولكن ينكرون بعض الأشياء هذه معلومة مما لا شك فيه كما أنهم ينكرون البعث مثلاً ، لذلك المولى عز وجل يقول ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [سورة لقمان:25]
إذاً المشركون يُقرون بأن الله خالق السماوات والأرض أم لا ؟
يُقرون فهنا أثبتوا صفة الخلق وأنتم تعلمون أن صفة الخلق متعلقة بالربوبية 
مثالٌ آخر (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [سورة الزخرف:9] 
إذاً فى هذه الجزئية أيضاً يُقرون بأن الله عز وجل هو خالقُ السماوات والأرض بل زادوا بأنهم وصفوه بوصفين بأنه عزيزٌ وبأنه عليمٌ سبحانه وتعالى
مثال ثالث ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) [سورة يونس :31]
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ 
هذه واحدة 
أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ 
هذه الثانية 
وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ 
هذه الثالثة 
وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ 
فهنا يُقرُ المشركون بأن الله هو الرازق وأن الله هو المدبر وكلُ ما سبق يتعلق بماذا؟ يتعلقُ بتوحيد الربوبية 
انظر إلى الأسلوب القرآنى فى إقامةِ الحجة على الخصم أثبتنا بأن المشركين يُقرون بتوحيد الربوبية فهذه مقدمة جعلها الله عز وجل مقدمة إلزامية فيقولُ للمشركين حيثُ أنكم تقرون بتوحيد الربوبية لزمكم أن تُقروا بتوحيد الألوهية لزمكم أن تُقروا بتوحيد الأسماء والصفات ما الأدلةُ على ذلك ؟ انظر ماذا يقول المولى عز وجل كما فى آية البقرة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة البقرة:21]
الخطابُ إلى من ؟ إلى الناس 
اعبدوا ربكم قف هنا اعبدوا ربكم توحيد ماذا؟ 
توحيد ألوهية الله عز وجل يدعوا الناس لتوحيد الألوهية قلتُ نعم لما ؟
 هذا سؤال الجواب الذى خلقكم أنتم تُقرون بأنه الخالق تُقرون بتوحيد الربوبية فلزمكم أنم تُقِروا بتوحيد الألوهية وأن تُفردوا العبادة لله عز وجل ولا تُشركوا به شيئاً فهذه واضحة المعالم تماماً ، لذلك انبه هنا أن اللزوم هذا هو لزوم الإثبات حيث تثبتون كذا لزمكم أن تثبتوا كذا ، ولكن يوجد اسلوبٌ آخر فى غاية الغرابة وهو الإرتقاء بالإستدلال من اللزوم إلى الإستنكار متى؟ عند الإباء انظر إلى آية النمل قال تعالى (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [سورة النمل:60]
انظر إلى أمن خلق السماوات والأرض الجواب ماذا ؟ 
المشركون يُقرون أنه الله 
وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
 المشركون يُقرون أنه الله 
فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ
المُشركون يُقرون بأنه الله 
مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا
أنتم عاجزون عن ذلك والقادر هو الله فإن كنتم تُقرون بكل ما سبق جاء الإرتقاء بالإستدلال من اللزوم إلى الإستنكار 
أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
لذلك هذا الاستنكار الجواب عنه لا إله مع الله سبحانه وتعالى ولكن للآسف لم يمتثلوا 
بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
أى يُشركون مع الله عز وجل انظر من هو عاجز عن ادارة شئون نفسه يتطاول على الله عز وجل ويُشركُ فى عبادته .
ومنها قوله تعالى من هذا اللون من الآيات ( أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة النمل:61]
أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا
هو الله 
وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا
هو الله 
وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ
أى جبال هو الله 
وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا
هو الله 
أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
الجواب لا إله مع الله بل هو المتفرد بذلك فجعل توحيد الربوبية مقدمة إلزامية ولكن عن طريق الإستنكار أو الإستفهام الإنكارى كما هو معلوم ، لذلك المولى عز وجل يقول ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) 
وأيضاً مثالها ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [سورة فاطر:3]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
ما هذه النعمة؟
هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
هذه واحدة 
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
هذه الثانية انظر 
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
 يَا أَيُّهَا النَّاسُ - هذا خطاب للبشرية بلا استثناء - اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ – أى تذكروا نعمة الله فإن تذكرَ نعمة الله يسوقكم إلى أنه عز وجل الخالق الرازق لذلك قال (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) لوازمها الإقرار بالخلق والرزق لله عز وجل كل هذا يسوقكُم إلى ماذا؟ 
يسوقكم إلى أن تقولوا لا إله إلا هو ، فهنا من أقر باللسان وصدق بالجنان وعمل بالأركان فقد جاء بتوحيد الألوهية فمن لم يفعل جاء عياذاً بالله تعالى (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) عياذاً بالله تعالى أى كيف تُصرفون عن توحيده عز وجل فإن قيل ياأيها الناس عامٌ أريد به الخصوص لأن المؤمن سلم قلتُ إن شاء الله تعالى هذه تأتى فى المحاضرة القادمة.
نكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.  
فقرة الأسئلة لم أفرغها 

ملفات