محاضرة 24

بطاقات دعوية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

 هذه المحاضرة هى الرابعة والعشرون من علم العقيدة ، وقد ذكرتُ فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍ أذكر ُمنها الآتى :-

  • أولا ذكرتُ الجزءُ الثانى من الإيمان وهو توحيدُ الألوهية لا إله إلا الله بينتُ إعرابها ومعناها وبينتُ المطلوب منها وهذه الجزئية ستأتى إن شاء الله تعالى فى جزء توحيد الألوهية بالتفصيل.
  • كذلك ذكرتُ الجزءُ الثالث من الإيمان كعنوان ألا وهو توحيد الأسماء والصفات بأن الله تعالى له الأسماءُ الحسنى والصفات العلى وأنه سبحانه منزهٌ عن كلِ عيبٍ ونقص وعليه بينتُ أن أركان الإيمان ثلاثةٌ :
  • توحيد الألوهية
  • توحيد الربوبية
  • توحيد الأسماء والصفات
  • بينتُ أن توحيد الأسماء والصفات يتضمن توحيد الألوهية ويتضمنُ توحيد الربوبية.
  • وبينتُ أن توحيد الألوهية يتضمنُ توحيد الربوبية.
  • بينتُ أن توحيد الربوبية يستلزمُ توحيدُ الألوهية وبقىّ لنا فى هذه الجزئية سؤالاً فى غاية الأهمية.

ذكرتُ أيةً من كتاب الله وهى آيةُ فاطر ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [سورة فاطر:3]

قد يقول بعض الناس ما المرادُ بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ) هل مراد اللفظ العام بمعنى دخل المؤمن والكافر؟

 وهنا نكتة قال لا لأن المؤمن قد سلم من الشرك وقال لا إله إلا الله إذاً ليس اللفظُ هنا مراداً من جهة العموم إنما المرادُ عام أريد به الخصوص أى أن هذه الآية تخص الكافر لأنه هو الذى لم يُقر لا بلسانه ولا صدق بجنانه ولا عمل بأركانه لذلك خُتمت الآية (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فهنا الآية واضحةُ المعالم أى كيف تُصرَفون عن توحيد الله تعالى قلتُ صدقت فإن هذه الآية المرادُ منها العام الذى أُريد به الخصوص هذه واحدة ، ولكن قلتُ لا مانع من أن الخطاب وإن أُقيم على المشركين أن يكون من لوازمه أن ينتفع به المسلمون فإن المسلمين سينتفعون بهذه الآية فى باب التذكير ما معنى ذلك؟

أنهم رأوا وسمعوا أن من لم يُقر بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات الله تعالى قد ذمه فكأن هذه الآية من الممكن أن يُستفاد منها فى باب التذكية للمسلم لذلك قال تعالى فى سورة يونس (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) [10:6] فهذه من جملة الآيات مما لا شك فيه.

إن علمتَ ما سبق تبين أن الله تعالى جعل توحيد الربوبية التى يُقر بها المشركين مقدمةٌ إلزاميةٌ للإقرارِ بتوحيدالألوهية.

ننتقلُ إلى جزئية آخرى فى توحيد الربوبية فأقول بأن توحيد الربوبية مقدمة إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات نكرر كما أثبتنا أنفاً أن توحيد الربوبية مقدمةٌ لتوحيد الألوهية أعنى مقدمةً إلزامية كذلك توحيدُ الربوبية مقدمةً إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات وهذه توجد فى آيات يصعبُ حصرها منها قوله تعالى فى سورة الفرقان ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) [سورة الفرقان:54] أثبت الله تعالى الخلق وأن الخلقَ من الماء والمراد بالماء هنا من المنى وجعل هذا الخلق أنساباً وأصهارا فهذا هو توحيدُ الربوبية خلقٌ وجعل ثم جعل الله تعالى هذه المقدمة أعنى توحيد الربوبية إلزامية لإثباتِ صفةٍ من صفات الله تعالى ألا وهى أنه ذو قدرةٍ فجعل الإيمان بصفة القدرة من لوازم توحيد الربوبية قبل أن أغادر هذه الآية لنا معها كثيرٍ من الوقفات ولكن أذكر واحدةً أو ثنتين على عجالة.

أولا/ قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا) الماءُ هنا المنىّ وأنتم تعلمون أن آدم خلق من تراب إذاً الترابُ أصلٌ والمنىُ فرعٌ وأنتم تعلمون أيضاً أن الترابَ طاهرٌ مما لا شك فيه فإن كان الأصلُ طاهراً تعين أن الفرعَ طاهرٌ أيضاً إذاً المنى طاهرٌ قولاً واحداً وقد بينت ذلك بالتفصيل فى الجزء الأول من كتابنا (الإحكام فى الأحكام)

ثانيا/ (وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) أنتم تعلمون أن كان هنا فعل ماض ناقص يعنى ماذا؟ يعنى كان الله قديراً والآن ليس بقدير الجوابُ لا فكان هنا معناها لا يزالُ ربُكَ قديراً لذلك لما سُئل ابن عباس عن قوله (وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) ( إن الله كان على كل شىء قديرا) أى لا يزالُ قديراً مسألة فى غاية الأهمية فانتبه لها.

توجد مسألة بالجملة آخرى بمناسبة كلمة (لا يزال) يوجد عندنا فعل ماض اسمه زال هذا الفعل لو جئت من بالمضارع له صورتان زال يزال وزال يزول فلفظ زال يزال أى يستمر وهذه هى زال التى فى مازال أو لا زال أما زال يزول أى انعدم فهذه ليست من بحثنا فى شىء اضربُ مثالاً آخر على أن توحيد الربوبية مقدمةٌ إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات أن الله تعالى قال فى آية الفرقان

(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [سورة الفرقان:59]

 انظر (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) أثبت عز وجل خلق السماوات والأرض وأنتم تعلمون أن المشركين يُقرون بذلك (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) [سورة لقمان:25]  فالله تعالى جعل الخلقُ هنا وهو توحيد الربوبية مقدمةٌ إلزامية لإثباتِ توحيد الأسماء والصفات لذلك ذكر فى الآية صفة فعلية ذاتية وذكر صفتين ذاتيتين فأولُ صفة فعلية ذاتية وهى الإستواء

(ثم استوى على العرش) وذكر صفتين ذاتيتين الصفة الأولى أنه رحمان  والصفة الثانية خبير كأنه قال الله تعالى أنتم تعتقدون والخطاب إلى المشركين اعتقاداً جازماً بأن الخالق هو الله إذاً يلزمُكم إثباتُ صفة الرحمن إثباتُ صفة أنه خبير إذاً توحيدُ الأسماء والصفات لازمٌ من توحيد الربوبية .

مثالٌ آخر قال تعالى ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [سورة يس :38]

بدء المولى تعالى  بالخلق وختم بأسمين من أسماءه الحسنى فالخلق الشمس هذه واحدة وجعلها عز وجل تجرى ثم قال (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) إذاً أثبت لنفسه أنه ذو عزةٍ وذو علمٍ أثبت لنفسه أثنين من أسمائه ألا وهما العزيز العليم فتبين أن توحيد الربوبية من لوازمه توحيد الاسماء والصفات.

هنا وقفة ليست من بحثنا ولكن مهمة جداً قال تعالى (والشمس تجرى ) إذاً وصف الشمس بأنها ماذا؟  تجرى وأنا أقول أنت ماذا؟ أنت تجرى وصفتك أيضاً بأنك تجرى هذه يسمى بالإشتراك ماذا؟

 الإشتراك اللفظى يعنى أنت تجرى والشمس تجرى طيب أنا أسأل معنى الجرى معلوم ؟

 معلوم أى من نقطة إلى الثانية هذا هو الجرى فأنت تحركت من من ووصلت إلى والشمسُ كذلك تحركت من ووصلت إلى ولكن السؤال هل كيفيةُ جريك هى نفس الكيفية لجرى الشمس؟

الجوابُ لا إذاً أحفظ هذه لأنها سهمٌ فى صدرِ أهل البدع والضلال حيثُ أن الإشتراك اللفظى لا يعنى الإشتراك فى الكيف بأى وجهٍ من الوجوه كما سيأتى فى بابِ الأسماءِ والصفات.

مثالٌ آخر كما فى آية فصلت ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة فصلت:39]

( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً) أى لا نبات بها

(فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ) أى تحركت بالنبات

(وَرَبَتْ) أى أنبتت من كلِ زوجٍ بهيج

(إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

فهنا المولى تعالى بين أشياءاً خلقها المولى عز وجل وهذه الأشياء من خلالها جعل مقاصة أو جعل قياساً حتى يُقربه إلى هؤلاء المشركين فيقولُ لهم أنتم ترون الأرض لا نبات فيها فإذا نزل الماء خرج النبات إذاً أنتقلت من حالة الموت إلى حالة الإحياء لذلك

قال (إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا)

 إن الذى أحيى الأرض الخاشعة

(لَمُحْيِي الْمَوْتَى)

فأثبت هنا قضية الإحياء وهذا من الربوبية ثم قال عز وجل مثبتاً لنفسه القدرةَ على فعل ذلك أبتداءاً وثانياً وثالثاً

فقال (إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

فتبين جلياً أن توحيد الربوبية مقدمة إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات

نضربُ مثالاً آخر

قال تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) [سورة الملك:19]

وهنا أيضاً المولى تعالى بين شيئاً تعلق بتوحيد الربوبية أولاً الطير خالقه هو الله تعالى أنه يطير الله تعالى هو الذى خلق الطيران كيفيقة الطيران الله تعالى هو الذى خلقها وبين أنه هو الذى يمسك هذا الطير ثم بين صفتين من صفاته عز وجل أولاً أنه ذو رحمة وأخذ منها أسم الرحمن اشتقاق اللزوم لا التوليد ثم قال (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) أثبت لنفسه عز وجل البصر أى أنه يرى هذا الطير حال كونه طائراً صافاً بجناحيه وحال قبضهما إلى آخره فتبين أيضاً جلياً أن توحيد الربوبية مقدمةٌ إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات.

مثالٌ آخر ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [سورة الشعراء:9]

وفى آية آخرى ( وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) [سورة الحجر:25]

لو نظرت إلى الآيتين ( وَإِنَّ رَبَّكَ)

 هذا متعلق بتوحيد الربوبية قولاً واحداً

(لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

أى وصف نفسه بأنه عزيز بأنه رحيم

وفى الآية الآخرى بأنه حكيمٌ وأنه عليمٌ عز وجل فتأكد عندنا على وجه القطع أن توحيد الربوبية مقدمة إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات لذلك نأتى بآية نختمُ بها هذه الجزئية.

قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [سورة الزخرف :9]

 أى المشركين أى يامحمد إن سألت المشركين سألتهم فعل وفاعل ومفعول

(مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)

إذاً هنا المولى تعالى جعل توحيد الربوبية مقدمة إلزامية للإقرار بأنه عزيزٌ عليم العجب أن المشركين يثبتون الأسمين لله تعالى أنه العزيز وأنه العليم ويثبتوت الصفنتين لله تعالى أنه ذو عزة وأنه ذو عليمٍ والضلالُ من الأشاعرة ومن تحتهم لا يُثبتون ذلك بدعاوى ماأنزل الله بها من سلطان كما بينتُ عندما تكلمتُ والشمسُ تجرى وأنت تجرى والأمثلة فى كتاب الله كثيرة ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة النور:45]

فشبه الأربعة بصفة ماذا؟

المشى وأنا أسأل الذى يمشى على بطنه كالثعبان كيفية المشى هى كمن يمشى على رجليه هى كمن يمشى على أربع؟

 الجوابُ لا،فجعلوا الإشتراك اللفظى هؤلاء الضُلال سببٌ للتشبيه فى الكيف فنفوا هذه الصفات ظلماً وزوراً نسألُ الله السلامة والعافية.

 

 

نتيجةٌ

الأولى / تبين أن توحيد الربوبية مقدمة صحيحة وإلزامية لإثبات توحيد الألوهية هذه واحدة.

الثانية / تبين أن توحيد الربوبية مقدمة صحيحة وإلزامية لإثباتِ توحيد الأسماء والصفات

إذاً الدائرة الكبيرة الدائرة الأصغر الدائرة الأصغر وهى توحيد الربوبية سهمهُا إلى الخارج تبقى إلزام قلنا ربوبية من لوازمها الألوهية من لوازمها الأسماء والصفات.

إذاً عندنا الآن الدائرة التى فى الوسط هى توحيد الألوهية مقدمة إلزامية لتوحيد الأسماء والصفات والآياتُ على ذلك يصعُبُ عدُها لذلك أذكر بعض هذه الآيات لنبين صحة ما نعتقدُ :-

أولا / آية طه (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [سورة طه:8]

يقول المولى تعالى لمن يُقرُ بلا إله إلا الله أى لا إله معبود بحقٍ إلا الله يقول لهم نلزمكم بأن لله تعالى الأسماء الحسنى وإياك أن تقول أين الصفات هنا ؟

 الأسماءُ مشتقةٌ أصلاً من الصفات

إذاً الصفات موجودة ولاإشتقاق اشتقاق لزومٌ لا تولد على تفصيلٍ سيأتى إن شاء الله وقد ذكرته كجملة فيما سبق ومثالها

 ( الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [سورة آل عمران 2:1]

أنتم تؤمنون أن الله واحدٌ أحد فردٌ صمد لم يلد ولم يولد تؤمنون لا إله معبودٍ بحقٍ إلا الله لزمكم أن تثبتوا اسمين وصفتين أما الأسمان الحىُ والقيوم وأما الصفتان أنه ذو حياة وأنه ذو قيموية عز وجل ومثالُها آية طه ( إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) [سورة طه:98]

فأثبت هنا أيضاً صفة العلم وقال تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [سورة الحشر:22]

انظر (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)

 أنتم تُقرون بذلك لزمكم أن تثبتوا صفة العلم

(عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)

 لزمكم أن تثبتوا صفة الرحمة ذو رحمةٍ فإنه رحمانٌ رحيم طالما أنكم تثبتون توحيد الألوهية لزمكم أن تثبتوا أن الله تعالى رحمانٌ رحيم حيىٌ قيوم عالم الغيب والشهادة ملك قدوس سلام مؤمن مهيمن جبار عزيز حكيم عليم إلى آخره من الأسماء الحسنى والصفات العلى كما سيأتى إن شاء الله تعالى بالتفصيل.

إذاً خلاصةُ هذا الكلام أن حقيقة الشرك فى أى توحيدٍ من الأنواع الثلاثة فى توحيد الأسماء والصفات لما؟

لأن الأسماء والصفات تتضمن الألوهية وتتضمن الربوبية فمن عياذاً بالله تعالى أشرك فى توحيد الأسماء والصفات ألزمناه بأنه مشركٌ فى الألوهية وألزمناه بأنه مشركٌ فى الربوبية شاء من شاء وأبى من أبى لذلك لا تجدُ قط لا فى كتاب ولافى سنةٍ أن لفظ الإلحاد أى هو الميل عن الحق تعلق إلا بتوحيد الأسماء والصفات لذلك المولى تعالى يقول (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الأعراف:180]

إذاً حقيقةُ التوحيد أن تثبتَ لله تعالى الأسماء الحسنى ، أن تثبت لله تعالى الصفات العلى ورب الكعبة من عطل صفةً واحدة من صفات الله تعالى بأى طريقةٍ أقتبسها من الزنادقة أقتبسها من الصابئة أقتبسها من الملحدين أمثال أفلاطون وأمثال سقراط وأمثال فيساغورس وأمثال اراسطو وأمثال المجرم ابن سينا وأمثالهم مما لا شك فيه هذا هو مصدرُ دينه،

لذلك يقول الرازى (الإمام افلاطون ) الإمام أفلاطون!!!!

أجُعل الكافر إماماً أن لله وإنا إليه راجعون لذلك إذا أردت أن تتعرف على حقيقة نفسك فانظر إلى موقعك من إثبات أسماء الله تعالى الحسنى ومن إثبات صفاته العلى لذلك ليس بعجيب أن نقولَ لهؤلاء الذين لا يثبتون صفات الله تعالى أنهم لم يحبوا الله تعالى بل هم مشركون شرك ربوبية شاءوا أم أبوا بل إنهم مشركين العرب كانوا أفقه منهم فى هذا الباب حيثُ أثبتوا أسماءً لله تعالى كالعزيز وكالعليم كيف نقولُ لهؤلاء كيف تعبدون ربكم؟ عبادة الله لم ولن تتمَ إلا بأسمائه الحسنى وإلا بصفاته العلى فإن كنتم نفيتم كلُ الصفات وأنا أعنى ما أقول قد يقولُ قائل الأشاعرة يثبتون سبع صفات قلنا هذا كلام هُراء لا يُلتفت إليه فهم فى حقيقة الأمر لا يُثبتون شيئاً لأنك لو قلتَ هذا لزم أنهم يُثبتون صفة السمع مثلاً أو البصر كما يثبتها أهل السنة وهذا كذب محض لا يقول به الأشاعرة من باب أولى من تحتهم نسأل الله السلامة والعافية كما بينتُ ذلك فى محاضرات (الأشاعرة فى كلمات) لذلك سأذكرُ هنا آيةً أو آيتين تجمعُ النقاط الثلاثة أو الأركان الثلاثة السابقة توحيد الربوبية ألوهية أسماء وصفات

قالعز وجل ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

( الْحَمْدُ لِلَّهِ)

هذه ألوهية صريحة

(رَبِّ الْعَالَمِينَ)

هذه ربوبية صريحة

(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

هذه أسماء وصفات صريحة

فهذه أولُ سورة فى كتاب الله

آخر سورة فى كتاب الله

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ )

رب الناس

ربوبية

ملك الناس

أسماء وصفات

أله الناس

 توحيد الألوهية

انظر فى كتاب الله تعالى وفى سنة نبيه النبي صلى الله عليه وسلم سترى كل ما يسرُكَ وسترى كل ما يسؤ أعداء هذا الدين من الكافرين ومن المبتدعة الضُلال أقول إلى هنا ينتهى الإجمال فى أنواع التوحيد الثلاثة

ربوبية

ألوهية

أسماء وصفات

وإلى التفصيل

تفصيلُ ماذا ؟

تفصيلُ توحيد الربوبية

تفصيل توحيد الألوهية

تفصيل توحيد الأسماء والصفات

فأبدءُ فى توحيد الربوبية وذلك من خلالِ كتابِنا فيض المجيد فى أنواع التوحيد الجزء الأول

 أقولُ أولاً / توحيد الربوبية أنتم كما ترون هذا العنوان مركب من لفظين لفظ توحيد ولفظ ربوبية وأنت إذا أردت أن تُعرفَ مركباً وجب عليك أن تتعرف على مفرداته يعنى توحيد الربوبية وجب عليك :-

أولاً / أن تعلم ما معنى توحيد

ثانياً / أن تعلم ما معنى ربوبية

ثم تضيف الأول إلى الثانى فلو قلتَ (كتابَ محمدٍ) فكتاب مضاف ومحمد مضاف إليه فتوحيد الربوبية توحيد مضاف والربوبية مضاف إليه وقبل ذلك لم ولن تسطع أن تُعرف الشىء أُقربها يعنى مثلاً لو قلنا  فى الكمياء كلوريد الصوديوم أنت رجل لاتدرى ما معنى الكلوريد أصلاً ولا معنى الصوديوم أصلاً أخبرنى كيف تُجيبونى لو قلتُ عرف مثلاً كلوريد الصوديوم أو نحو ذلك من الأمور  إذاً تعينَ علينا أن نبدء بتعريف لفظ ماذا؟ لفظ التوحيد ثم بعد ذلك لفظ الربوبية ثم نضيف الأول إلى الثانى ونعرفَ توحيد الربوبية تعريفاً كاملاً ولكن أُريدُ أن أُنبهك هنا على  مسألة عزيزة ، اعلم أن التعريف على خمسة أنواع إذا أردت أن تعرف شيئاُ أعنى من المفردات لها خمس أنواع من التعريف ومما لا شك فيه عُلم هذا بالإستقراء :-

النوع الأول / تعريفٌ لغوى

النوع اثانى / تعريفٌ بالحد تعريفٌ الإصطلاح

النوع الثالث / التعريفُ بالضد

النوع الرابع / التعريفُ بالمِثال

النوع الخامس /  التعريفُ بالثمرة

ومما لا شك فيه استخدمُ كل نوعٍ فى محله فى البحث الذى تريدهُ أنت تبحثُ فى لغة العرب إذاً تعرفُ التعريف اللغوى

تبحث فى علم الأصول إذاً التعريف الإصطلاحى وهلم جرا ....

وهذه فى غايةِ الخطورة لذلك أنا أضربُ مثالاً قبل أن أصل إلى لفظ التوحيد

لو قلتُ لك مثلاً عرف الواجب فتقولُ فى اللغة الواجب هو اللازم الثابت أنا أدرى أن فى كتبِ الأصول الكثير الكثير منها يقولون هو اللازم الساقط وهذا خطأ فاضح فى لغة العرب وقد بيناها فى كتابنا التأسيس فإن شئت فعد له.

إذاً الواجب فى اللغة هو اللازم الثابت

طيب

لو قلتَ لى عرف الواجب فى الإصطلاح أى عند الأصوليين

قلتُ بسيطة قال ما أمر به الشارع أمراً جازماً

إذاً هذا تعريف بالإصطلاح أو بالحد

فإن قيل لك عرف الواجب بالضد

قلتَ الواجب ضد الُمحرم

إن قيل لك عرف الواجب بالمثال

قلتُ تعريف الواجب بالمثال (وأقيموا الصلاة )

فأقيموا فعل أمر وفعل الأمر يقتضى مذا؟ يقتضى الوجوب

إن قيل لك عرفه بالثمرة

قلتَ مما لا شك فيه يُثابُ فاعله إمتثالاً وتاركهُ متوعدٌ بالعقاب مُطلقاً ولها تفصيلٌ بيناه فى كتابنا التأسيس

إذاً التعريفات لها طرق كثيرة وفائدةُ ذلك تستخدم التعريف فى مكانه لذلك يُحزننى جداً فى علم أصول الفقه أن أول ما يعرف الواجب يكتب يُثابُ فاعله إمتثالاً وتاركه متوعد بالعقاب مطلقاً قلت ياقوم هذا تعريف بالثمرة والثمرة تكونُ بعد الزرع بعد الحصد نأتى فى أول الكلام بالثمرة أم نأتى فى أول الكلام بلغة العرب أولاً ثم عند الأصوليين ثانياً ثم فى آخر البحث نأتى بالتعريف بالثمرة قلتُ نريدُ أن نطبقَ هذا الكلام على لفظِ التوحيد فلو قيل لك عرف التوحيد فى لغة العرب؟

 قُل التوحيدُ تفريد لأنها تفعيل ولكن لكن ليس مراد التفريد إنما المُرد الإفراد كما سيأتى بالتفصيل إذاً عرفناها من جهة ماذا؟

من جهة اللغة

فإن قيل لك عرف التوحيد بالحد أى فى اصطلاح العقيدة؟

 هو إفراد الله تعالى بالعبادة

إن قيل لك عرف التوحيد بالضد؟

قل التوحيدُ ضد الشرك

إن قيل لك عرف التوحيد بالمثال؟

قل لا إله إلا الله أى لا إله معبودٍ بحقٍ إلا الله

إن قيل لك عرف التوحيد بالثمرة؟

قل يُثابُ فاعلهُ إمتثالاً وتاركه متوعدٌ بالعقاب مطلقاً على تفصيلٍ هو معروفٌ فى مكانه.

إذاً نبدءُ فى المفردة الأولى وفى اللفظة الأولى أعنى التوحيد

التوحيدُ من مادة الواو مع الحاء مع الدال يعنى ماذا؟

أىُ كلمة فى لغة العرب لها حروف أُخذت منها وتسمى بالحروف الأولية أو تُسمى بالبنية الأولية ،لذلك إذا أردت أن تدخل فى أى قاموس لابد وأن تعلم هذه الحروف ، فمثلاً كالقاموس السهل مختار الصحاح لو دخلت فى حرف الواو ثم تدرجت إلى الحاء ثم تدرجت إلى الدال وجدت كلمة التوحيد لذلك نقول هذه الحروف هى البنية الأولية وكلُ لفظةٍ كذلك لابد لها من بنية أولية ، ولكن أنا أقف هنا وقفة سريعة لا تكون قصير النظر وتنطق كل كلمة أمامك لو قلت لك مثلاً لفظ قام ما هى الحروف الأوليه له ؟

ستقول قاف وألف وميم غلط هى قاف وواو وميم من أين جئت بالواو؟ لأن حرف الألف فى قام منقلب عن أصله وهو الواو ستقول وكيف نعلم ؟ أتى بالمضارع قام يقوم إذاً يوجد واو هنا فعندما تبحث عن قام تبحثُ فى القاف ثم الواو ثم الميم

مثالٌ آخر باع لا تقول الألف وباء والعين هذا خطأ بل الباء والياء والعين لما؟

 لأن باع المضارع منها يبيع فالألف هنا منقلبة عن ياء فانتبه لهذه فإنها فى غاية الأهمية .

ثانياً / هذه المادة الأولية أعنى الواو مع الحاء مع الدال أُخذت منها ألفاظٌ كثيرة أبدء بلفظ ماذا؟

الوحدة والوحدة هى الإنفراد فلو قلت لك رأيتك وحدك أى رأيتك منفرداً بالمناسبة رأيتك وحدك وحدك هنا حال قد يقول قائل و كيف حال هو الحال يأتى معرفة قلت أحياناً يأتى معرفة ولكن يؤول بنكرة لأن الحال لا يأتى إلا نكرة فالمراد رأيك وحدك أو رأيته وحده أى رأيته منفرداً هذا المعنى أعنى الإنفراد أعنى الوحدة هذا كما فى حق المخلوق أيضاً فى حق الخالق عز وجل قال تعالى ( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [سورة الأعراف:70]

أى جئتنا لنفرده عز وجل بالعبادة هذا معنى الكلام وأيضاً كقوله تعالى ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [سورة غافر:84]

أى نُقر بالله تعالى فرداً ولا نشرك به عز وجل أحداً ، قلتُ وأُخذ من هذه المادة أعنى الواو مع الحاء مع الدال لفظ أوحدته كأنى أقول أوحدته برؤيتى إحاداً يعنى ماذا؟ يعنى لم أرى غيره  أو أقول لك أوحتُك بإهتمامى أى ما أهتممت بأحدٍ غيرك فهنا فى حصر وقصر الإهتمام والرؤية على معينٍ .

قلتُ وأُخذ أيضاً من هذه المادة أعنى الحاء مع الواو مع الدال لفظ الواحد وأنت تعلمون أن واحد هى بداية العدد طيب هل يُجمع الواحد ؟ قلت نعم على آحدان ووحدان وبالمناسبة هنا هناك وقفة كبيرة جداً فى حديث اجتمع فى يومكم هذا عيدان يعنى العيد جاء يوم جمعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم من شاء جمع ومن شاء ترك وإنا لمجمعون

انظر أيام ما كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه  أميراً على مكة اجتمع عيدان الجمعة وعيد الفطر فصلى عبد الله بن الزبير العيد ولم يخرج للناس إلا فى صلاة العصر ولكن الناس اجتمعوا فى صلاة الظهر فلم يخرج الإمام اقسم بالله لو حصل فى أيامنا هذا لوجدت متزحلق ومتحذلق يقول قدم أى حد وصلى ؟

أقسم بالله تطيرُ فيها رقاب يعنى يحق للإمام أن يأتى ويطير رقبة من تقدم .

ماذا فعل الصحابة؟

انظروا إلى فقه هؤلاء قال راوى الحديث فصلينا وُحداناً يعنى ماذا وحداناً ؟

 أى كل واحد لوحده مسألة كبيرة جدا مسألة كبيرة جداً فى أمور تظنون أنها أمور صغيرة ولكنها من الكوارث نسألُ الله السلامة والعافية، لذلك فقه الصحابة لا تحيد عنه إن السلامة فيما يفعلونه.

إن علمتَ ما سبق فى لفظ الواحد مزال الكلامُ يقولُ هنا فى الفيض

الله واحد ولكن لا مثل له

الله واحد ولكن لا شريك له

الله واحد ولكن لا ظهيرله عز وجل

نريدُ أن نعرف ما هو معنى هذا الكلام؟

قبل ذلك (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [سورة البقرة:163]

(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة التوبة:31]

انظر إلى هاتين الآيتين تثبتان الوحدانية لله تعالى

طالما أثبتت الوحدانية إذاً باللزوم تنفى ماذا؟

تنفى الشرك بل قصر الله تعالى وحصر العبادة له

إذاً عبادةُ غيره شركٌ صريح عياذاً بالله تعالى

لذلك المولى تعالى يقول (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [سورة الشورى:11]

انظر هذه الآية تنفى ماذا؟

تنفى المثلية وهذا النفىُ بالنص

وطالما أن المولى تعالى نفى المثلية إذاً من بابِ أولى أنه نفى ماذا؟

نفى الظهير والتى هى معلومة باللزوم لما؟

فإن الظهير هو المعين والله تعالى لا يحتاجُ إلى معينٍ فى إدارةِ ملكهِ

الله تعالى هو الحىُ القيوم

قائمٌ على نفسه

وقائمٌ على خلقهِ

قائمٌ بإصلاحِ شأنهم

قائمٌ بإدارتهم  

كيف شاء عز وجل

لكن كل شىء غيرُ الله تعالى يحتاجُ إلى ظهير

أنا قلتُ هذا الكلام لما؟

قلتُ لأن فى كتاب الله تعالى آية لابد وأن تقف عليها وهى آية سبأ رقم 22 والتى بعدها مباشرة

(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ)

  • ( لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)
  • ( وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ )
  • (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ )

يوجد ثلاث أشياء نفاها المولى تعالى ما العجب ؟

العجب فى الآية التى بعدها مباشرةً ألا وهى

(وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)[سورة سبأ:23)]

طيب أما أريد أن أقرب هذا المعنى ، لو نفرض أن لديك منزل وأنت غنى وهذا هو حال معظم أهل الدنيا إلا من رحم الله ولديك رجل فقير جداً يستطيع أن يدخل منزلك تستضيفه أنا أقول غالب أحوال الناس الجوابُ لا ، ولكن تصور أن رجل يملك مثل بيتك يبقى ستأتى له ويأتى لك ولو أحد لا يصلح أن يدخل عليك من الممكن أن يشفع له هذه واحدة.

الشىء الثانى لو أن لديك منزل وهناك شريكٌ لك فيه بالنصف ممكن أن يدخل عليك ويخرج أم لا ؟ ممكن يشفع لغيره عندك أم لا ؟ الجوابُ نعم

لو نفرض أنك تكلكُ هذا البيت من أولهِ إلى آخرهِ ولكن لا تستطيع أن تدير هذا البيت فتأتى برجلٍ يديره يُعينك على إدارة هذا البيت على إدارة هذا المصنع ، إذاً هذا الرجل يستطيع أن يدخل عليك ويخرج أم لا بدون إذنك؟ يستطيعُ أن يشفعَ لأحدٍ عندك؟

الجوابُ نعم ، لو نظرتَ إلى هذه الآية فإن الله تعالى نفى هذه الثلاثة تماماً التى بواحدةٍ منها يصلحُ أن تفعل بلا أذنه

 فأولاً قال ( لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)

أنت لا تملكُ شيء والذى فى يدك وديعة شئت أم أبيت أتقولُ ورثتها كابرٌ عن كابر هذه كذبة كبيرة فجاء الله تعالى ببنيانه فجعل السقف مكان القواعد والقواعد مكان السقف هذه واحدة

الشىءُ الثانى أنه لا يوجد أحد شريك لله تعالى فى شىء فهذه الثانية ولا يوجد أحد معين لله تعالى إذاً هل يصلحُ أحدٌ أن يشفعَ لأحدٍ بغيرِ إذن الله؟ الجوابُ لا إذاً جائت الآية بعدها مباشرةً (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)[سورة سبأ:23)]

لذلك فى الآخرة نبينا النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إليه الأمر بعدما مر من آدم إلى عيسى ولم يستجب أحد تقدم نبينا وخر فى آخر الحديث يامحمد أرفع رأسك وأشفع تُشفع

إذً إن كان نبينا النبي صلى الله عليه وسلم لم يشفع إلا بعد إذن الله الجوابُ لما؟

لأنه لا يملك مثقال ذرة لا فى السماوات ولا فى الأرض ولا هو عز وجل شريك فى شىء ولا هو ظهير فى شىء.

قلتُ ومنها أيضاً أى أُخذ من هذه المادة أعنى الواو مع الحاء مع الدال لفظ وحيد يعنى ماذا؟

يعنى منفرد كقوله تعالى (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) [سورة المدثر :11]

نعم خلقه وحيداًوستجمعُ بين يدى الله تعالى وحيداً (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [سورة الأنعام:94]

أين أول مرة ؟

أول مرة هى (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) [سورة المدثر :11] هذه هى أول مرة والمرة الثانية تقفُ بين يدى ربكِ عز وجل

إذاً إذا نظرت إلى لفظ التوحيد وجدته على وزن تفعيل يعنى تفريد ، ولكن ليس المراد التفريد إنما المرادُ الإفراد وهذه فى غايةِ الأهمية.

 قد يقولُ القائل يعنى تأتى بوزنٍ ثم تدعى أن المراد غيره ؟

قلتُ هذا كثيرٍ جداً فى كتاب الله فإن الله تعالى قد يأتى بالمصدر ولا يريد المصدر إنما يريدُ اسم المفعول من المصدر يعنى المولى تعالى يقول (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة النحل:1]

أمر الله يعنى يوم القيامة هذه واحدة

هل أتى ؟

 الجوابُ لا سيأتى

والذى أتى أمر الله ولا أتى مأمور الله أتى مأمور الله

إذاً قد يأتى وزن ولا يُراد إنما المرادُ ِىء آخر يُعرفُ بالخبرة فى لغةِ العرب

ومثالها تماماً (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [سورة البقرة:79]

أى فويل لهم من مكتوبِ أيديهم فهذه واضحة إن شاء الله ومنها (فضرب الرقاب ) ضرب هنا مصدر يضرب ضربا وهذا نائب عن المصدر فى الحقيقة ولكن المراد ماذا؟ أى أضرب الرقاب فالمرادُ هنا فعل الأمر فهذا فى الكتاب والسنة كثير جداً جداً.

 إلى هنا أنتهينا من معنى لفظة التوحيد ثم نبحث فى لفظة الربوبية ثم نضيفُ الأول إلى الثانى ونعرفُ المركب، أكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.