محاضرة 33
بطاقات دعوية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
هذه المحاضرة هى الثالثة والثلاثون من علم العقيدة،وذكرتُ فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍ منها:-
- ذكرتُ إشاراتٍ كثيرة يجبُ الإعتناءُ بها حيثُ بينتُ من خلالها سلوكَ وأخلاق أهل الكلام.
- بينتُ من خلالِ هذه الإشارات موقفَ الأئمة الأربعة من علمِ الكلام ومن علماء الكلام.
- بينتُ موقفَ أبى عمر بن عبد البر وابن خُويز منداد وابن حجر وأبى حامد الغزالى وأبى يوسف.
- بينتُ موقف هؤلاء أيضاً من علم الكلام ومن علماء الكلام فكلُ هؤلاء اعتبروا أن علم الكلام زندقة وأن علماء الكلام زنادقة.
- بينتُ لما لم يُثبت أهلُ الكلامِ صفات البارى تبارك وتعالى .
- ترجمتُ لابن سينا ترجمةً ضعيفة جداً ابن سينا المُلحد الضال وبينتُ أنه لم يتب من إلحاده ولا من كفره.
- ترجمتُ للرازى قبل توبته وبعد توبيته كلاماً مُجملاً ولكن ظهر المقصودُ منه.
- كذلك بينتُ مصادر العلمِ عند أهل السنة كتابٌ وسنةٌ واجماع وقياس الأولى أنا أتكلم فى علم العقيدة لأن الفقه مسـألةٌ آخرى أعنى المصادر أوسع من هذا واعتبرتُ أيضاً هذه المصادر بما قاله الشافعى وأحمد وابن القيم الجوزية وغيرهم.
- كذلك بينتُ التلفيقَ فى كيفية اثبات وجود الرب عند أهل الكلام هم فى الحقيقة يتعتقدون بوجود من يسمونه قديماً قبل البعث أنهم قالوا أن الوجودَ قديماً ومُحدث فهم ابتداءاً يُقرون بوجود القديم.
- بينتُ أن اسم القديم ليس من اسماء الله عز وجل ولا يوفى لله حقه وأن الاسم الذى يوفى بحقه سبحانه وتعالى هو اسم الأول والآخر والظاهر والباطن .
واليوم إن شاء الله تعالى نبدءُ من بيان الفرق بين طريقة الأنبياء وطريقة المتكلمين والفلاسفة
بينتُ الطُرق التى اتبعها أهل السنة والجماعة فى إثبات وجودِ الرب منها الشرعُ والفطرة إلى آخره وبينتُ طريقةَ المتكلمين وهى طريقةٌ واحدة الطريقة التى تُسمى بالحدوثِ والقدم.
علمنا هذه الطريقة وعلمنا هذه الطريقة فياترى ما الفرقُ بين طريقةِ الأنبياء وطريقة المتكلمين والفلاسفة؟
مما لا شك فيه أن الفروق تظهرُ من الأسماء طريقُ الأنبياء صلاحٌ وفلاح ونجاح طريق المتكلمين زندقة وشك وحيرة وانتحار ولكن أنا سأُطولُ النفس فى هذه الجزئية لبيانِ المقصود فأقول :
الفرق الأول / أن الأنبياء واتباع الأنبياء اثبتوا الرب بخبر السماء من الكتاب والسنة وما بُنىَّ عليهما وهو الاجماع وقياس الأولى
وأما المتكلمون والفلاسفة اثبتوا الصانع بأدلة عقلية وهى القياس الشمولى فحسب لذلك أقول أهل السنة يُثبتون وجود الله عز وجل بخبر السماء من كتاب الله من سنة رسول الله من اجماع أمة محمد ومن قياس الأولى أما أهل البدع والضلال يُثبتون الصانع هذا تسميتهم أو المُحدث هذا تسميتهم أو القديم هذا تسميتهم بخبر من؟
بخبر سقراط وبقراط واراسطو وبقراط وفيثاغورس أى خلاصتهُ بخبرِ الشيطان أما طريقةُ الأنبياء بخبر الرحمن فأىُ الفريقين أحقُ بالأمن ؟!!
لذلك أقول من باب التنبيه على هؤلاء وحىُ السماء مما لا شك فيه صدقٌ لا كذب فيه وصوابٌ لا خطأ فيه ووحىُ الشيطان الذى وصل من طريق الزنادقة والفلاسفة والملاحدة والصابئة خليطٌ من الصدقِ والكذب والصواب والخطأ على أحسنِ تقدير فأقولُ قأىُ عاقل على وجه هذه الأرض يُجوز اعتماد الخليط ويترك الاعتماد على الخاص النقى الصافى أىُ عقلٍ هذا فما بالكُ إن ثبتَ عندك أن كلامهم هو الإلحاد بعينه وهو الزندقة بعينه فأكرر أىُ الفريقين بعدُ أحقُ بالأمن؟!
الفرقُ الثانى / أن طريقةَ الأنبياء واتباع الأنبياء تُوصل كما سبق إلى عينِ المطلوب وهو رب السماوات والأرض سبحانه وتعالى الذى له الأسماءُ الحسنى إذاً هذه الطريقة أوصلتنا إلى معرفةِ اسمائه تبارك وتعالى وكلها حسنى وأوصافه معروفةٌ وكُلها صفاتُ جلال وكمال وعظمة وعلو وهذا ببركةِ ماذا؟
ببركةِ استعمال العقل الذى هو آلة كما بينتُ فيما سبق والآلة تعملُ فى غيرها هذا ببركة استعمال العقل فى وحى السماء فى كتاب الله فى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترتب على ذلك أن الله عز وجل أمرنا بعبادته وكيف نعبدُ الله عز وجل نعبده بماذا؟
أمرنا بعبادته بالأسماءِ الحُسنى وبصفاته العُلى لذلك يقول المولى تبارك وتعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الأعراف:180]
أى فاعبدوه بها فإن سألتَ لما قلتَ فادعوه معناها فاعبدوه؟
هذا سؤال ولما قال تبارك وتعالى فادعوه ولم يقل فاعبدوه ؟
لأن لفظ الدعوة يتضمنُ معنيين أن تدعوّ نفسك وأن تدعوَّ غيرك أن تدعوَّ نفسك بأن تعبدَ الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى وتدعوا غيركَ لعبادةِ الإله عز وجل باسمائه الحُسنى وبصفاته العليا أما فاعبدوه فقط فهذه تتعلقُ بالمعين أى فعلٌ يعتبرُ لازماً وقطعاً من عبد الله عز وجل بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى فقد حقق قول المولى عز وجل (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) [سورة الأنعام :57]
(مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة يوسف :40]
نعم فهذه طريقة أهل السنة وهذه الطريقة أوصلتنا إلى ما سبق
أما عياذاً بالله تعالى طريقة أهل الكلام وصلوا بها إلى جنس المطلوب فكانت النتيجة أنهم لم يُثبتوا صفاتاً لله عز وجل البتة وإن زعموا
الصفات التى أثبتها الأشاعرة السبعة والتى تُسمى بصفات المعانى ونحتوا منها سبعاً سموها بالصفات المعنوية فى حقيقة الأمر أنهم لم يُثبتوا هذه الصفات على مدلول أهل السنة التى هو مدلول الكتاب والسنة والإجماع فحقيقتهم أنهم لم يُثبتوا صفات لله عز وجل فإن كانوا لم يثبتوا صفات لله عز وجل فمن باب أولى أنهم لم يُثبتوا أسماءً لله عز وجل وإن زعموا أتدرى لما؟
لأن الأسماء مشتقةٌ أصلاً من الصفات اشتقاق تلازم لا تولد وهذا الاشتقاق إن كان مُشتق منه غير موجود فكيف يكونُ المُشتق موجوداً هذه فى غاية الخطورة فإن كان الأمرُ كذلك فأقول كيف يعبدون الله عز وجل ؟
كيف يحققوا (فأدعوه بها) أى فاعبدوه بها كيف يحققوا ذلك؟
هذه مستحيلة لذلك المُتتبع لهؤلاء الحيارى لا تجدُ فيهم أحداً صاحب دينٍ بل تجدُ فى دينهم رقة لا يُمكن أن تُلصقَ بعالمٍ عياذاً بالله تعالى وقد ذكرتُ طرفاً من هذا عندما تكلمتُ على ابن سينا ذكرتُ طرفاً عندما تكلمتُ عن الرازى بل أُزيدكم اليوم أمراً فى غاية الخطورة الآمدى والذى يُلقب (بسيف الدين) كان لا يُصلى وكما قلتُ مراراً وتكراراً إياك أن تُصدقنى إذهب إلى المصدر الذى سأذكره وستعلم أن هذا الكلام بأصح الأسانيد موجودة ذكر ذلك الذهبى رحمه الله فى سير أعلام النبلاء المجلد السادس عشر صفحة الرابعة وعشرون ومئة قال ما نصهُ :
(ابنُ أبى عمر هذا الرجل كان يترددُ كثراً على الآمدىَّ قال كنا نترددُ على السيف -يعنى سيف الدين الآمدى- فشككنا هل يُصلى أم لا؟ -والله هذه فى حد ذاتها مُصيبة أن تشك فيمن تتعلم منه أنه يُصلى أم لا؟ بغض النظر على النتيجة سيصلُ إليها أنه لا يُصلى أنه يُصلى مُجرد الشك دليلٌ واضح على أن هذا المشكوك فيه كان لا يُصلى فى جماعة وهذا عالم لقبه سيفُ الدين ولكن انظر الطامة الكُبرى ماذا يقو ابنُ أبى عمر يقول:
( كنا نترددُ على السيف فشككنا هل يُصلى أم لا فنام أى السيف فعلمنا على رجل بالحبر ثم قال فبقيت العلامة يومين مكانها فعلمنا أنه ما توضأ يقول الذهبى نسألُ الله السلامة فى الدين)
هؤلاء هم أعمدةُ أهل الكلام !!!
ولم نعلم لهذا الرجل توبة بل هذا الرجل له كلام فى علم أصول الفقه فى غاية الخطورة منها كلام فى باب العام والخاص يقول ابن تيمية رحمه الله (يُستتابُ قائل هذا الكلام وإلا قُتل فضلاً أن يُجعلَ من علماء المسلمين)
لذلك هؤلاء الحيارى لا يستطيعون الدفاع عن باطلهم ومن أقصرِ طريق يُمكنك أن تُجهضَ كبرائِهم أنا أضربُ مثالاً القصدُ من هذا المثال أن تتعلمَ شيئاً فى غاية الخطورة أن تسمعَ جيداً يعنى عندما يتكلم أحد وأخصُ بالذكرِ إن كان خصماً اسمع جيداً ثم افهم جيداً ثم تكلم جيداً أىُ خطوةٌ من هذه الخُطوات الثلاثة تسبق الآخرى هذه كارثة وأخصُ بالذكر فى باب الجدال والدفاع عن هذا الدين لذلك ابن تيمية رحمه الله كان يُحاضرُ وما أدراك إذا حاضر ابن تيمية كان يحضر له الآلاف من عوام الناس لا كلهم علماء كان ابن تيمية يُحاضرُ وإذا برجلين دخلا إلى المسجد فقالا وجها الكلام مباشرةً إلى ابن تيمية أأنت تقولُ بأن الله يغضبُ؟!!
انتبه إلى التلبيس على النفس
انتبه على التلبيس على السامع
وانظر كيف ردَ ابنُ تيمية قد يقولُ القائل أين التلبيس؟
قلتُ الرجل يقول أأنت تقولُ بأن الله يغضب؟
إذاً لابد أن تسمعَ جيداً إذاً نسب القول هذا لمن؟
لابن تيمية وهل ابن تيمية فعلاً هو الذى يقول هذا الكلام؟
لذلك أقول لك انظر إلى رد ابن تيمية فقال أنا ماقلت الذى قال هو الله ورسوله إذاً أولُ خطوة اسمع جيداً افهم جيداً رد جيداً انظر إلى هذين الرجلين ابن تيمية نفى التهمة ونسب الكلام إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فلما قال هذا الكلام من البديهى أن يقولا أعنى الرجلين أين قال الله عز وجل أنه يغضب؟
أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يغضب؟
ولكن رغبا عن هذين السؤالين وإنتقلا إلى شيئاً آخر تماماً فقالا وجها الكلام إلى ابن تيمية أتدرى ما الغضب؟
يقولان لابن تيمية أتدرى ما الغضب؟
انظر إلى فقه استدراك الخصم قال ابن تيمية وما الغضبُ هل يُعقل أن ابن تيمية لا يدرى ما الغضب ؟
ولكن هذه الطريقة فى غايةِ الخطورة لأنك لو قلتَ مدلولاً للغضب قد لا يُعجبه هو سيوقف المناظرة ويقول أنت لا تدرى ما الغضب ؟ لا عرفنى أنت ما هو الغضب ونخلص المسألة فقالا الرجلان الغضبُ هو انتفاخ الأوداج وغليان الدم فى القلب واحمرار العينين إلى آخره خلاص قالوا كلامهم انظر إلى النقلة العظيمة لابن تيمية عرِفَ مذهب الرجلين فقال ابن تيمية للرجلين ألله إرادة؟ سؤال وجواب أنامثلما سمعتكم اسمعونى ألله إرادة؟
قال الرجلان نعم لله إرادة انظر إلى البحر ماذا يقول؟
قال ابن تيمية الإرادةُ هى الميلُ القلبىّ فقال الرجلان هذا وصفُ المخلوق فقال ابن تيمية وما ذكرتموه فى الغضب هو وصف المخلوق فأخذا نعليهما وانصرفا.
انظر المناظرة لا تؤخذ أكثر من خمس دقائق ولكن للآسف فى هذا الزمان تأخذ خمسين سنة ويعلمُ الحق ولا يريدُ أن يقولَ به إذاً أوقفوا الشرع على الناس اعتقد ما اعتقدته أما أن تدعوا الناس إليه فهذه والله كارثة لذلك أقولُ بعد هذه المناظرة العجيبة صدق الله إذ يقول (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الأعراف:180]
يلحدون فى اسمائه أى يميلون عن الحق والذى مال عن الحق لابد وأن ينغمس فى الباطل عياذاً بالله تعالى (سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سيأتى الكلام عنها إن شاء الله تعالى.
الفرقُ الثالث / أن طريقةَ الأنبياء وأتباعهم تؤدى إلى كمال النفوس تؤدى إلى صلاحِها وتؤدى إلى غايتها من الكمال فطريقةُ الأنبياء جمعت بين أمرين فى غاية الخطورة العلمُ بالله والعمل له سبحانه وتعالى والسببُ فى ذلك أنها تُثبت العلم بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى وهذا السبب يؤهلك لماذا؟ يؤهلكَ لعبادته تبارك وتعالى لذلك المولى عز وجل لما قال فى آية محمد (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) [سورة محمد:19]
فإن مُقتضى العلم بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله ) لا إله معبود بحق إلا الله العلمُ بأسمائه الحُسنى وبصفاته العُلى كلما على قدركَ فى باب الأسماء والصفات كلما على قدركَ فى باب الحلال والحرام وبهذه الكلمة بطُلَ مذهب المرجئة جملةً وتفصيلاً لأن الله عز وجل قال (فادعوه بها ) أى فاعبدوه بها
إذاً العبادةُ اسمٌ جامع لكلِ ما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال
إذاً بقدرِ عبادتِك لله فى باب الأسماء والصفات بقدرِ باب الحلال وباب الحرام عندك لذلك قوله (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)
الاستغفار على ماذا؟
الاستغفارُ إما على شىءٍ حاك فى صدرك مع أنك معفوٌ عنك
وإما لقولٍ أنت تكلمتَ به
وإما لفعلٍ من فعلِ الجوارج أنت عصيتَ الله عز وجل
إذاً الاستغفارُ بعد العمل
لذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حتى لو كان العملُ عبادة محضة كالصلاة كان بمجرد أن يُسلم يقول استغفرالله استغفر الله استغفرُ الله لما ؟
من هذا الذى يأتى بالصلاه على وجهها الأتم لأنك تستغفر الله عز وجل على ما حصُلَ فيها من تقصير لذلك يقول صلى الله عليه وسلم
(إن العبد لينصرف من صلاته إلا وكتب له إلا نصفها إلى أن وصل إلى عُشرها )
أمرٌ فى غايةِ الخطورة مما لا شك فيه ولكن فى الحقيقة هنا مسألةٌ يجبُ أن أقفُ عندها وهى مسألة العمل أى عملٍ حتى يوجد عيناً يعنى إيه عيناً ؟ يحتاجُ إلى قدرةٍ وإرادة طبعاً هذه مسألة كبيرة جداً ذكرتها بشىءٍ من التفصيل فى (أصول الفهم) فإن شئت التفصيل فعد إليها ولكن الآن سأذكرُ جملة فى غاية الأهمية:
العملُ يحتاجُ إلى قدرة وأرادة فإن وُجدت القدرة والإرادة وُجد العملُ ولابد
لابد وأن يظهر العمل مذا يعنى ذلك؟
لو أنت معاك مال وتريدُ أن تشترى سيارة إذاً لابد وأن تشترى قولاً واحداً يستحيل فإن تخلف أحد الركنين القدرة أو الإرادة مما لا شك فيه لا يُمكن أن يوجد العمل فما بالُك لو تخلفت القدرة والإرادة من باب أولى ألا يوجد العمل لذلك أنا أقول هذا الكلام أريدك أن تفهم أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم وتقف معها وقفة باحث وقفة مدقق وقفة مُحقق نبينا صلى الله عليه وسلم يقول
(أصدقُ الأسماء الحارث والهمام)
عجيبة حارث يعنى ماذا؟
يعنى عامل يعنى قدرة
الهمام هو الذى يُهم وهل يوجد هم لا يأتى على إرادة ؟ الجوابُ لا إذاً لما قال الحارث وهمام لأن مجموع الأثنين سببٌ فى وجودِ الشىءِ عيناً بل فى ضؤ ما سبق يجب أن تفهمَ قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان فى كبد)
وأن تفهمَ قوله تعالى (إنك كادحٌإلى ربك كدحاً فملاقيه ) فإن تم لك ما سبق علمتَ أن طريقةَ أهل السنة دائماً وأبداً هى السهلة هى اليسيرة هى الصحيحة هى التى لا تحتاجُ إلى مجهودٍ فوق العادة ماذا أقصدُ بهذا الكلام؟ طبعاً أى عبادة تحتاج إلى مجهود ولكن ما قصدتُ هذا بل قصدتُ فى فهمِ النصوص الشرعية لذلك والله من العوام من يقف على معانٍ فى كتاب الله وفى سنة رسول الله قد يعجزُ عنها كثيرٌ من أهل العلم وليس هذا مُسوغاً أن يتكلمَ فى الدين ولكن أريدُ أن أُوصل هذه المعانى قال الله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر هل من مُدكر) السؤال هل أستثنى الله عز وجل أحداً؟
لم يسثنى أحداً ، أبدء بحولِ الله تصل وإما فهم الكتاب والسنة معك صك من الله عز وجل بأنهم وأنت مهندس وهذا دكتور وهذا محاسب وهذا وهذا وهذا وبذلت كل نفس ونفيس فى الحصول على هذه الشهادة قبل أن تحصُل عليها أكان معك صكٌ بأن الأمرَ يسير ؟ الجوابُ لا
وع ذلك خُضتَ فى هذه الدُنيا وأنا معك لابد وأن تخوضَ فيها ولكن أين هذا المجهود؟
أين هذا الإنفاق فى النفس والنفيس فى الطريق الذى يضمنُ لك علومَ الدُنيا أن تُستخدمَ فى صالح المسلمين بل فى صالح البشرية لأننا لا نصدمُ أحداً مهما إن كان ولو كان عدواً لنا طالما له حق لابد وأن يأخذه هذه طريقةُ الأنبياء.
وأما طريقةُ أهل الكلام عياذاً بالله تعالى طريقتهم
أدت إلى تلفِ النفوس
أدت إلى فسادِ النفوس
أدت إلى تبديد الفطرة
أدت إلى إنقاصها لا تكميلها
فنبينا صلى الله عليه وسلم بُعثَ لتقريرِ الفطرة فبدلوها وتكميلُ الفطرة فأنقصوها بدليل أنهم يُنكرون أصل وجود الرب عز وجل ومن أراد منهم أن يصلَ إلى وجود الرب لم يصل إلى عين المطلوب بل وصل إلى جنس المطلوب ووجوده علمىٌ لا عينياً كما هو معلوم ، لذلك هؤلاء لم يعرفوا عن ربهم إلا أنه موجود مرةً يقولون صانع ومرةً يقولون مُحدِث ومرةً يقولون قديم وغيرُ ذلك من الأسماء التى ما أنزل الله تبارك وتعالى بها من سُلطان والجزاءُ من جنسِ العمل لما تركوا علم الكتاب والسنة وأخذوا علم الزنادقة والملاحدة والفلاسفة وقعوا فى ماذا؟
وقعوا فى الشك وقعوا فى الحيرة وكثيرٌ منهم انتحر إرجع واقرأ ستعلمُ صحة ما أقول ومن هُنا ينتكشفُ لك لما خُتمت آية الأعراف
(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الأعراف:180]
انتبه سيجزون متوعدون بالعقاب لذلك أثبتنا فى محاضرات الأشاعرة أنهم متوعدون بالعقاب نعم هم من أهل القبلة ولكن ليسوا من أهل السنة بل هم من أهل الوعيد متوعدون بالعقاب من الله عز وجل لما؟
لشىءٍ بسيط أنهم ألحدوا فى أسماء الله عز وجل وصفاته قد تقول أنت قلتَ ما يقربُ من ثلاثين أصلاً خالفوا فيه أهل السنة قلتُ كلُ الأصول مبنية على هذه الجزئية لأننا قُلنا بقدر صلاحك فى باب الأسماء والصفات بقدرِ احلالِ والحرام وهذا هدمٌ لمذهب المرجئة كما قلتُ آنفاً وقد ذكرتُ فيما سبق أنهم لا يُحلون حلالاً ولا يُحرمون حراماً وأمثلتُها كثيرة ولا تنتهى لأنه لا يُمكن أن نتصورَ أبداً أن رجلاً لا يُثبتُ صفاتاً لله عز وجل ومن باب أولا لا يُثبتُ أسماءاً لله عز وجل أنه يعبدُ الله عز وجل عبادةً صحيحة فإن أنتهى هذا الفرقُ الثالث أقول فأىُ الفريقين أحقُ بالآمن؟
إلى هنا ينتهى قسطٌ لا بأسَ به من كتابنا (فيض المجيد توحيد الربوبية) ولكن الكلام سيطول جداً عشرات المحاضرت فى هذا المبحث.
أنتقلُ إلى الشرك فى توحيد الربوبية
هل هذه الصورة فقط هى الشرك فى توحيد الربوبية بل وأقول وبملىء في أن كثيراً من الناس يُشاركون المسلمين -انتبه لكلامى- فى أصل توحيد الربوبية كأهل الكتاب ومشركى العرب سواء أهل الكتاب قالوا أن الله ثالث ثلاثة أن عيسى ابن الله أن عيسى هو الله المهم فى آخر الأمر أنهم يُثبتون أن هناك رباً بغض النظر عن كلامهم وكذلك مُشركوا العرب كان يعلمون ودينهم أفضل من دين النصارى فى هذه االجزئية كانوا يعلمون علم اليقين بأن هناك رباً تبارك وتعالى ولكن كانوا يُشركون وصور الشرك كثيرة جداً جداً جداً ، أنا لم أذكر هذه الصور حتى أبين العوج عند هؤلاء ولكن العوج عند كثيرٍ ممن ينتسبون إلى الإسلام ورب الكعبة يُشركون فى توحيد الربوبية فى مئات الأبواب شعروا أم لم يشعروا وطبعاً هذا مبحث مهم جداً وأنا أتكلم عن هذا حتى تعلم أن غياب العلم دمارُ للأمة والأدهى وأمر إذا تصدر للعلم علماء السؤ فإذاً غاب العلمُ عن آحاد الناس وجاء علماء السؤ وسقوا الناس معلوماتٍ عياذاً بالله تعالى هى الضلالُ المبين وهى الكفرُ البواح نسأل الله السلامة والعافية لذلك أقول
الصورة الأولى / الاعتقاد أن مع الله سبحانه وتعالى شريك فى خلقه أو فى ملكه أو فى تدبيره أو فى إعطاءه ومنعه او فى نفعه وضره أو فى خفضه ورفعه وهذه الصور قد تلبث بها كثيرٌ من المسلمين فضلاً عن الكتابيين والمشركيين فجعلوا النفعَ والضرَ مثلاً عن أصحابِ الأضرحة والقبور جعلوا النفعَ والضرَ عند الجن فطلبوا منهم الغوث واستعانوا بهم فجعلوهم يستقلون بالفعلِ عن الله عز وجل أنه يستطيع أن يجلب النفع ويدفع الضر أمرٌ فى غاية الغرابة قلتُ هذا واقعاً لا يستطيعُ أحدٌ على وجه الأرض أن يُنكره أن كثيراً ممن ينتسبون إلى دين رب العالمين أعنى الإسلام يذهبون إلى الأضرحةِ فيذبحون عندها يذهبون إلى الأضرحة ويُنذرون لها يذهبون إلى الأضرحة فيطلبون من اصحابها الشفاء والمنفعة وغيرِ ذلك من الأمور إبراهيم عليه السلام يقول ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [سورة الشعراء:80] وهؤلاء يقولون سأذهبُ إلى البدوى ليشفى ابنى إلى الحسين ليشفى ابنى إلى نفسية لتشفى ابنى إلى آخره من هذه التُرهات وإذا مرضتُ فالبدوى يشفينى والحسين يشفسين وعائشة تشفين هذا كلامهم قولاً وفعلاً كثيرٌ من الناس ممن ينسبُ إلى الإسلام يقول ويفعل ما يُوهم بان الله سبحانه وتعالى له شريك فى خلقه أو ملكه أو تدبيره وأنه أعطى أصحاب الأضرحة من السلطات التى استقلوا بها عن الله عز وجل وأنا أقسمُ بالله لولا الفتنة لذكرتُ كلاماً فى غاية الخطورة ولكن لابد من الإشارة شيخ الأزهر فى السبعينيات (عبد الحليم محمود) ادخل وأبحث على كتبه ستقرأ أسماءاً أقسم بالله أخشى ما أخشاه أن تُكفره فمثلاً ( عزام صلاح ) كتب كتاب اسمه (الأقطاب الثلاثة البدوى والرفاعى والقناوى) وقدم له شيخ الأزهر على هذا الكتاب أريدُك أن تقرأ هذه المقدمة وتقول لى إذا كان هذا أكبر رأس فى أكبر مؤسسة فى الدنيا يقول هذا اكلام أخبرنى عن عوام الناس أيسمعون لى؟ بل هو له كتاب اسمه (السيد البدوى رضى الله عنه) وله قصة معروفة أنه قال (ذهب لزيارة ضريح سيدى البدوى فأخذتنى نومة –عند الضريح- فجائنى فى المنام فقال يامحمود ألا تكتب فى سيرتى فخرجتُ فكتبتُ فى سيرته) أنا سأعطيك بعض المعلومات عن هذا المُجرم المسمى بالبدوى وعلى فكرة العجب العُجاب أن هناك رسالة خرجت من الأزهر تُكفر البدوى والرسالة لرجل اسمه (احمد صبحى منصور) هذا البدوى انظر ماذا يقول (سائرُ الأرضِ كلها تحت حكمى وهى عندى كخردلة فى فلاة أنا سلطانُ كلُ قطبٌ كبير وطبولى تدقُ فوق السماء) أخبرونى وُلد فى المغرب وهو رجل شيعى باطنى رافضى عنيد عدو لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا سأذكرُ لك على عُجالة ما قال الهالك الشعرانى فى الطبقات الكبرى انظر ماذا يقول فى ترجمته للبدوى ومُقراً له وهذا فى المُجلد الأول الصفحة الثانية والستون ومئة (وأخبرنى شيخنا محمد الشناوى أن شخصاً أنطر حضور مولد سيدى احمد البدوى فسُلب الإيمانُ منه –انتبه للكلام الإيمان خرج من قلبه ثم قال- فلم يكن فيه شعرة تحنُ إلى دين الإسلام فأستغاث بسيدى احمد-لكى تعرف (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) ألا لم يفهم الشعرانى الذى سأقوله الآن انظر ماذا يقول الرجل ؟ لما سُلب الإيمان فلم يكن فيه شعرة تحين إلى دين الإسلام فأستغاث بسيدى احمد ليُرجع إليه الإيمان يبقى كيف لا يحن إلى الإسلام ؟ هل لم يفهم الشعرانى ما أقول الآن؟ فقال احمد بشرط ألا تعود أبداً تذم فى مولدى فرد عليه ثوب إيمانه إذاً من الذى يردُ الإيمان ؟ ومن الذى ينزع الإيمان؟ هو البدوى ثم قال له البدوى انظروا إلى التلفيق (وماذا تنكرُ علينا ؟ قال اختلاط الرجال والنساء فقال سيدى احمد ذلك واقعٌ فى الطواف ولم يمنع احدٌ منه –إذا كان الطواف عبادة وحصل فيه اختلاط فهو قد جعل المولد عبادة أيضاً واباح فيه الاختلاط إلا ما صح القياس ثم قال – وعزة ربى –انتبه لكلامه- ما عصى أحدٌ فى مولدى وتاب إلا وتاب وحسنت توبته- أى أن أى أحد يعصى الله فى مولدى لازم يتوب ولازم تحسن توبته –وإذا كنتُ أرى الوحوش والسمك فى البحار واحميهم من بعضه بعضاً أفيعجز فى الله عن حماية من يحضر مولدى؟ )
هذا هو البدوى فاخبرونى ماذا يُسمى هذا؟ يعنى إبراهيم عليه السلام يقول (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ) [سورة البقرة:128]
سبحان الله!
من الذى يُدخل إلى الإسلام ويخرجُ دخله بأمره الدينى الشرعى مع الكونى القدرى ويُخرجه بأمره الكونى الشرعى وليس البدوى وما أكثرَ الموالد فى بلادنا البدوى ياسادة كان لا يُصلى البدوى ياسادة كان يسكن على سطح المسجد البدوى ياسادة لم يدخل المسجد إلا مرتين فى حياته وهذا فى ترجمته مرةً ليبول ومرة ليصلى عليه عندما مات هذا هو البدوى الله عز وجل من فوق سبع سماوات يقول (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) [سورة النحل:53]
وأنا أسأل لما أرجع له البدوى الإيمان هذه النعمة من من؟ فجعلوا أعظمَ نعمة وهى الإيمان فى يدى البدوى نسألُ الله السلامة والعافية الله عز وجل يقول (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) [سورة الإسراء:20]
اخبرنى الذى فعله البدوى العطاء فى يد من إذا؟
فى يد الله لا فى يد البدوى أمرٌ فى غاية الخطورة وفى الحقيقة لن استطيع استكمال بقية هذه المعلومات.
وأكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.