مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 17
حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق الهمداني، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي محمد، عن أبيه سعد، قال: مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يرد علي السلام، فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقلت: يا أمير المؤمنين، هل حدث في الإسلام شيء؟ مرتين قال: لا. وما ذاك؟ قال: قلت: لا. إلا أني مررت بعثمان آنفا في المسجد، فسلمت عليه فملأ عينيه مني، ثم لم يرد علي السلام. قال: فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام؟ قال عثمان: ما فعلت قال سعد: قلت: بلى. قال: حتى حلف وحلفت، قال: ثم إن عثمان ذكر، فقال: بلى، وأستغفر الله وأتوب إليه إنك مررت بي آنفا، وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة، قال: قال سعد: فأنا أنبئك بها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة، ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتبعته فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله، ضربت بقدمي الأرض، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: " من هذا أبو إسحاق؟ " قال: قلت: نعم يا رسول الله. قال: " فمه ". قال: قلت: لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك، قال: " نعم دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87] فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له "
قَوْلُهُ : "فَمَلَأَ عَيْنَيْهِ مِنِّي " : أَيْ : نَظَرَ إِلَيَّ أَتَمَّ نَظَرٍ .
"إِلَّا تَغْشَى " : أَيْ : تُحِيطُ ، كَنَّى بِهِ عَنِ الذُّهُولِ وَالْغَفْلَةِ عَنِ الْخَلْقِ ; بِحَيْثُ كَأَنَّهُ لَا يَرَى وَلَا يَعْقِلُ .
"أَشْفَقْتُ " : أَيْ : خِفْتُ .
"فَمَهْ " : أَيْ : فَمَاذَا تُرِيدُ ؟
"إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ " : قَدْ جَاءَ أَنَّ سَعْدًا كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، أَوْ لِمَا جَاءَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُ بِذَلِكَ .
وَفِي "الْمَجْمَعِ " : رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، وَهُوَ ثِقَةٌ .