مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه523
مسند احمد
حدثنا سليمان بن داود أبو داود، حدثنا فليح بن سليمان، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن التيمي، من قريش، عن أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الجمعة حين تميل الشمس "
صَلاةُ الجُمعةِ لها مكانةٌ عظيمةٌ في الإسلام؛ حيث إنَّها صلاةٌ أسبوعيَّةٌ يَجتمِعُ فيها المسلِمون في مَساجدِهم ويتَعرَّفون على أمورِ دينِهم، وتَظهَرُ عزَّتُهم وكثرتُهم، وقد صلَّاها المسلِمون في المدينةِ قبلَ هجرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم إليها.
وفي هذا الحديثِ "أنَّه كان إذا سَمِع النِّداءَ"، أي: الأذانَ "للصَّلاةِ يومَ الجمعةِ؛ ترَحَّم لأسعَدَ بنِ زُرارةَ"، أي: دَعا له بالرَّحمةِ، قال عبدُ الرَّحمنِ لأبيه: "إذا سَمِعتَ النِّداءَ ترَحَّمتَ لأسعدَ بنِ زُرارةَ؟"، وهذا سؤالُ استِفهامٍ عن هذه الحالةِ، ولِماذا يخصُّ أسعدَ بنَ زُرارةَ دونَ غيرِه بالتَّرحُّم؟ قال كعبٌ: "لأنَّه أوَّلَ مَن جمَّعَ بِنا"، أي: صلَّى بنا الجُمعةَ؛ وذلك قبلَ مَقدَمِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم إلى المدينةِ، "في هَزْمِ النَّبِيتِ مِن حَرَّةِ بَني بَياضَةَ في نَقيعٍ يُقال له: نقيعُ الخَضِماتِ"، والخَضِماتُ: موضعٌ بنَواحي المدينةِ، والنَّقيعُ: مُجتمَعُ الماءِ في ذلك المكانِ، وبَنو بَياضةَ: عَشيرةٌ مِن عَشائرِ الأنصارِ، والحَرَّةُ: هي الحِجَارةُ السَّوداءُ، والهَزْمُ: المطمئِنُّ مِن الأرضِ، والمرادُ أنَّه صلَّى بهِمُ الجُمعةَ في هذا المكانِ مِن قريةٍ اسمُها: هَزْمُ النَّبيتِ، قال عبدُ الرَّحمنِ: "كم أنتُم يومَئذٍ؟ أي: كم كان عددُ مَن أدَّوْا تلك الصَّلاةَ في ذلك الوقتِ؟ قال كعبٌ: أربَعون"، أي: أربَعون رجُلًا مِن الأنصارِ.
وفي الحديثِ: التَّرحُّمُ والدُّعاءُ على مَن سَنَّ سُنَّةً حسَنةً في الإسلامِ.