مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه522
مسند احمد
حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أحب فلانا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأخبرته "، قال: لا، قال: " فأخبره "، قال: فلقيه بعد، فقال: والله إني لأحبك في الله، فقال له: أحبك الذي أحببتني له
حثَّ الشَّرعُ على المحبَّةِ بين المسلِمين جميعًا؛ لِما فيها منَ التَّوادِّ والتَّراحُمِ وبِناءِ المُجتمَعِ على التَّآخي والتَّرابُطِ، والمَعانِي الطَّيِّبةِ، وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا كان عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فمَرَّ بهِ رجلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي لَأحِبُّ هذا"، أي: الرَّجُلَ الذي مَرَّ، وهو أنَّه أَحَبَّه في اللهِ، وفي طلَبِ مرضاة اللهِ عز وجل، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أعْلَمْتَه"؟، أي: هل أَخبَرْتَه بذلك؟ فقال الرجل: "لا"! فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بإخبارِه، فقال: "أَعْلِمْه"، أي: أَخْبِرْه بمَحبَّتِك له، فلَحِقَه الرَّجُلُ ليُدرِكَه ويُخبِرَه كما أمَرَه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقال: "إنِّي أُحِبُّك في اللهِ"، فقال صاحبُه: "أحَبَّك الَّذي أَحبَبْتَني له"، أي: أحَبَّك اللهُ تَعالَى الَّذي أَحبَبْتَني لِأَجْلِه ، وهذا دُعاءٌ وليس خَبرًا، ولكنَّه أخْرَجَه مَخرَجَ الخَبرِ الماضِي تحقيقًا له، وحِرصًا على تُحقُّقِه.
وفي رِوايةٍ: "ثمَّ رجَعَ"، أي: الرَّجلُ الثَّاني إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، "فسَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم"، أي: عمَّا جَرى بَينهما أو عَمَّا أجابَه بهِ، "فأخبَرَه بما قال"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أنت مَع مَن أحبَبْتَ"، أي: مُلحَقٌ بهم وداخلٌ في زُمرتِهم، "ولكَ ما احتسَبْتَ"، أي: لك أجْرُ ما احتسَبْتَ من طلَبِ الثَّوابِ منَ اللهِ.