مسند أبي بكرالصديق 18

مسند أحمد

مسند أبي بكرالصديق  18

قال أبو بكر: قلت: يا رسول الله، ما نجاة هذا الأمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي، فردها علي، فهي له نجاة " (1)

كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عَنهم يَحرِصون حِرصًا شَديدًا على النَّجاةِ في الدُّنيا والآخِرةِ؛ فكانوا يَسأَلون النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن أسبابِ النَّجاةِ والفَلاحِ في الدُّنيا والآخِرَةِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُرشِدُهم ويَدُلُّهم إلى طريقِ الخيرِ والنَّجاةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عُقبةُ بنُ عامرٍ رضِيَ اللهُ عَنه:

"قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما النَّجاةُ؟"، أي: ما أسبابُ النَّجاةِ والفلاحِ في الدُّنيا والآخرةِ،

وكيف أتَحصَّلُ عليهما وأَنْجو بنَفْسي؟

"قال أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم

"أمسِكْ عليك لِسانَكأي: كُفَّ لِسانَك واحْبِسْه واحْفَظْه عن قولِ كلِّ شرٍّ، ولا تَنطِقْ إلَّا بخيرٍ،

وقد قال اللهُ تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]؛ وذلك لِما للِّسانِ مِن خُطورةٍ، وفي صحيحِ البخاريِّ: "إنَّ العبدَ ليَتكلَّمُ بالكلمةِ مِن سَخطِ اللهِ لا يُلْقي لها بالًا يَهوي بِها في جهَنَّمَ"، وقد يَخرُجُ الإنسانُ مِن الدِّينِ بكَلمةٍ وهو لا يَدْري.
"وَلْيَسَعْك بيتُكأي: لِيَكُنْ في بيتِك سَعَتُك والْزَمْ بيتَك لِتَعبُدَ اللهَ في الخَلَواتِ،

واشتَغِلْ بطاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، واعتَزِلْ في بَيتِك عن الفِتَنِ،

‏وقيل في مَعْناه: ارْضَ بما قسَم اللهُ لك مِن الزَّوجةِ والولَدِ والرِّزقِ والسَّكنِ، وغَيرِ ذلك مِن مَتاعِ الدُّنيا، وانظُرْ إلى مَن هو أعلى مِنك في أمرِ الدِّينِ، وإلى مَن هو أدنى مِنك في أمرِ الدُّنيا؛ لئلَّا تَزدَرِيَ نعمةَ اللهِ عليك، فهذا أسلَمُ لك.
"وابْكِ على خَطيئتِكأي: واندَمْ على ما ارتكَبتَ مِن ذنوبٍ، وابكِ بكاءً حقيقيًّا؛

تصديقًا لتوبتِك وإنابتِك، ثمَّ اشتَغِلْ بإصلاحِ نفسِك وتَهذيبِها.
وفي الحديثِ: بيانُ أسبابِ النَّجاةِ والفلاحِ في الدُّنيا والآخرةِ.