حدثنا يزيد (1) ، أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى على جنازة وشيعها، كان له قيراطان، ومن صلى عليها ولم يشيعها، كان له قيراط والقيراط مثل أحد "
شُهودُ الجِنازةِ واتِّباعُها فيه فَضْلٌ عظيمٌ، كما في هذا الحديثِ حيثُ يُخبِرُ عبْدُ اللهِ بن عُمَرَ رضِي اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "مَنْ صلَّى على جِنَازةٍ"، أي: حضَرَها للصَّلاةِ عليها، والجِنازةُ: اسْمٌ للميِّتِ في النَّعْشِ، "فله قيراطٌ"، أي: أجْرُهُ عندَ اللهِ يوْمَ القِيامةِ أو في الجَنَّةِ قيراطٌ، ومَن صلَّى على عِدَّةِ جَنائزَ كان له مِن القَراريطِ بعدَدِها، سواءٌ صلَّى على تِلك الجنائزِ صَلاةً واحدةً أو صلَّى على كُلِّ جِنازةٍ على حِدَةٍ، "ومن قَعَدَ حتى يُدْفَنَ فله قيراطانِ"، أي: حَضَرَ الجِنازةَ حتى انتهَوْا من دفْنِها في القبرِ، فجزاؤُهُ فيها قِيراطانِ؛ وذلك لصَلاتِهِ ولحُضورِ الدَّفْنِ. وأمَّا مَن تَبِعَها فقط دُونَ صلاةٍ عليها؛ فلا يحصل له قيراط ولا قيراطان، وإنْ كان يُرجَى أن يَحصُلَ له فَضلٌ ما بحَسَب نِيَّتِه. "قالوا: يا رسولَ اللهِ، مِثْلُ قراريطِنا هذه؟"، والمُرادُ به عندَهم: نوْعٌ من النَّقْدِ، قيل هو جُزْءٌ من الدِّرْهَمِ، وقيل: هو من أجْزاءِ الدِّينارِ، وهو نِصْفُ عُشْرِهِ في أكْثَرِ البِلادِ، وأهْلُ الشَّامِ يَجْعلونَهُ جُزْءًا من أرْبعَةٍ وعِشْرينَ جُزْءًا؛ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا بل مِثْلُ أُحُدٍ -أو أعْظَمُ من أُحُدٍ-"، أي: إنَّ القِيراطَ عندَ اللهِ يومَئذٍ بمِثْلِ حَجْمِ جَبَلِ أُحُدٍ أو أعْظَمَ منه، وهو جَبَلٌ على مَشارِفِ المدينةِ، والحِكمةُ في تمثيلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بجَبلِ أُحُدٍ دون غيرِه من الجِبالِ أنَّه جَبَلٌ عظيمٌ كبيرٌ، وكونُ المخاطَبين يَعرِفونه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الصَّلاةِ على الميِّتِ، واتِّباعِ جنازتِه، وحُضورِ دفنِهِ.