حدثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم فلما انصرف، قال: " لم خلعتم نعالكم؟ " فقالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت فخلعنا، قال: " إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعله، فلينظر فيها، فإن رأى بها خبثا فليمسه بالأرض، ثم ليصل فيهما " (1)
في هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو سعيدٍ الخُدْريُّ رَضِي اللهُ عَنْه: أنَّه "بينَما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يُصلِّي بأصحابِه إذْ خلَعَ نَعلَيه فوضَعَهما عن يَسارِه"، أي: إنَّ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان يُصلِّي في نعلَيه ولم يخلَعْهما ابتِداءً، ثمَّ خلَعَهما أثناءَ صَلاتِه، "فلمَّا رأى ذلك القومُ ألقَوْا نِعالَهم"، أي: كان النَّاسُ يُصلُّون في نِعالِهمُ اقتِداءً بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، ثمَّ اقتَدَوْا به أيضًا في خَلعِه له، وخَلَعوا نِعالَهم أثناءَ الصَّلاةِ، "فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم صَلاتَه، أي: انتَهى مِنها، قال لأصحابِه ومَن فعَل مِثلَه: "ما حَمَلكم على إلقاءِ نِعالِكم؟"، أي: خَلْعِها، فقالوا: "رأَيناكَ ألقَيْتَ نعلَيْك فألقَيْنا نِعالَنا"، أي: إنَّ فِعلَهم كان بمِثْلِ فِعْلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "إنَّ جِبريلَ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أتاني فأخبَرَني أنَّ فيهما قَذَرًا - أو قال: أذًى -"، أي: كان سببُ خلعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أنَّ بهِما مِن النَّجاسَةِ الَّتي تُنافي ما يَجِبُ أن يَكونَ في الصَّلاةِ مِن طهارةٍ، ثمَّ قال صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم لأصحابِه: "إذا جاء أحَدُكم إلى المسجِدِ فلْيَنظُرْ"، أي: فلْيتَأكَّدْ مِن طهارةِ نَعلَيه، "فإنْ رَأى في نَعلَيه قَذرًا أو أذًى فليَمْسَحْه ولْيُصَلِّ فيهِما"، أي: فليُطَهِّرْ نعلَيه ممَّا عَلِقَ بهِما مِن النَّجاساتِ؛ بمَسْحِهما في التُّرابِ حتَّى يَتِمَّ تَطهيرُهما وإزالةُ ما بهِما.
وفي الحديثِ: بيان ما كان عند الصَّحابةِ مِن سُرعةِ الامتثالِ بفِعلِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم .