مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 814
حدثنا روح، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما أحد من الناس إلا وقد أخطأ، أو هم بخطيئة، ليس يحيى بن زكريا " (2)
التفاضل بين الأنبياء أو تفضيل بعضهم على بعض أمر خاص لله سبحانه فقط، وهو وحده من يملك هذا الأمر، وقد ذكر في كتابه أن من المرسلين: أولي العزم، وذكر أن بعض الأنبياء ضاق بقومه، ومنهم من دعا عليهم، وغير ذلك، وليس لبشر أن يفاضل بين هؤلاء الأنبياء إلا بما فضل الله به بعضهم على بعض
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ أو هم بخطيئة، أي: كاد يفعلها، والمراد: أن البشر جميعا على درجات إيمانهم وتفاوتهم ليسوا معصومين من الخطأ، ويستثنى من ذلك: نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام. ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يمتدحه أحدهم، أو أن يخيره على نبي الله يونس بن متى عليه السلام، وإنما خص يونس؛ لأن الله عز وجل لم يذكره في جملة أولي العزم من الرسل، والحديث يدل على معنى التواضع؛ لأن يونس دون غيره من الأنبياء مثل إبراهيم وموسى وعيسى، يريد إذا كنت لا أحب أن أفضل على يونس، فكيف غيره ممن هو فوقه من أولي العزم من الرسل؟!وغاية ما في الأمر أن الله لما ذكر أولي العزم من الرسل، أثنى على صبرهم، وذكر النبي يونس بن متى عليه السلام، وأنه ضاق بقومه لعدم استجابتهم لدعوته؛ فقال سبحانه: {إذ ذهب مغاضبا} [الأنبياء: 87]، وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم} [القلم: 48]، كما ذكر الله دعوة أنبياء آخرين على قومهم. وهذا النهي من النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على عدم تفضيله على أي نبي آخر للمباهاة والفخر، وإلا فإنه في الحقيقة أفضلهم على الإطلاق؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، وهذا من باب ذكر كرامة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ربه بلا فخر منه ولا تكبر، بل هو في أعلى درجات التواضع. وفي الحديث: النهي عن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض تفاخرا