حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار، فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر، فقال له: لعلنا أعجلناك؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال: " إذا أعجلت، أو أقحطت فلا غسل عليك، عليك الوضوء " (2)
كان أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُسرِعونَ إلى إجابتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويُلَبُّونَ نِداءَه، فنالُوا مِن الطَّاعةِ كَمالَها، ومِن الانقيادِ تَمامَه، وهذا الحديثُ شاهدٌ على ذلك، حيثُ يَرْوي أبو سَعيدٍ الخُدريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أرسَلَ إلى رجُلٍ مِن الأنصارِ -وهو عِتْبانُ بنُ مالكٍ، وقيل: هو غيرُه- فجاء مُسرِعًا ورَأسُه يَقطُرُ ماءً، ففَهِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه كان يُجامِعُ زَوجتَه، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لَعَلَّنا أعْجَلْناك»، أي: إنَّك تَعجَّلْتَ إنهاءَ الجِماعِ قبْلَ أنْ تُنزِلَ، فقال الرَّجلُ: نعمْ، فأعْلَمَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الرَّجُلَ إذا تَعجَّلَ الجِماعَ أو أُقْحِطَ، فلم يُنْزِلِ المَنِيَّ، فإنَّه لا يَجِبُ عليه الغُسلُ لكاملِ الجسَدِ، بلْ يَكْفِيهِ الوضوءُ. وهذا الحُكمُ كان في البِدايةِ، وقد نُسِخَ بعدَ ذلك بما في الصَّحيحَينِ عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إذا جَلَسَ بيْن شُعَبِها الأَرْبعِ، ثُمَّ جَهَدَها؛ فقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ»، فلم يَشترِطِ الإنزالَ للغُسْلِ، وقد استقَرَّ الأمرُ على أنَّ الجِماعَ يُوجِبُ الغُسلَ، أنزَلَ الرَّجلُ فيه أو لم يُنزِلْ.