مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه161
مسند احمد
حدثنا يحيى، عن أنيس بن أبي يحيى، قال: حدثني أبي، قال سمعت أبا سعيد (1) : اختلف رجلان - أو امتريا - رجل من بني خدرة، ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى، قال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال العمري: هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك، فقال: " هو هذا المسجد لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقال: " في (2) ذاك خير كثير " يعني مسجد قباء (3)
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم إذا اختَلفوا في شيءٍ أو خَفِي عليهم أمرٌ لجَؤوا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فيُزيلُ مِن بينِهم الخلافَ، ويوضِّحُ لهم ما خَفي عليهم، ويُعلِّمُهم ما يَنفَعُهم.
وفي هذا الحديثِ: يَحكي الصَّحابيُّ الجليلُ أبو سعيدٍ الخدريُّ: أنَّه "امتَرى" مِن المراءِ وهو الجِدالُ أي: تَجادَل واختَلَف، "رجلٌ مِن بني خُدْرَةَ، ورجلٌ مِن بَني عمرِو بنِ عوفٍ" بَنو خُدْرةَ وبَنو عَمرِو بنِ عوفٍ، وهُما قَبيلَتان مِن الأنصارِ، "في المسجِدِ الَّذي أُسِّس على التَّقْوى"، أي: اختَلَف الرَّجُلانِ في المقصودِ بالمسجِدِ المذكورِ في قولِ اللهِ تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108]؛ هل هو مَسجِدُ قُباءٍ أم مَسجدُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟ فقال الخدريُّ: "هو مسجدُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: المقصودُ بالمسجدِ الَّذي أُسِّس على التَّقوى هو مسجدُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وقال الآخَرُ"، أي: الرَّجُلُ الَّذي مِن بَني عمرِو بنِ عوفٍ: "هو مسجِدُ قُباءٍ"، أي: المقصودُ بالمسجدِ الَّذي أُسِّس على التَّقْوى هو مسجِدُ قُباءٍ، "فأتَيا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في ذلك"، أي: فذَهَب الرَّجُلانِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَسْألانِه عن المقصودِ بالمسجدِ الَّذي أُسِّس على التَّقْوى، "فقال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "هو هذا"، أي: هو مَسْجدي هذا الَّذي أُسِّس على التَّقوى- "يَعْني مَسجِدَه"، أي: مسجِدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم- "وفي ذلك خيرٌ كثيرٌ"، أي: وفي مسجدِ قُباءٍ أيضًا خيرٌ كثيرٌ مِن الأجرِ والثَّوابِ والبرَكةِ لِمَن صلَّى فيه، ومَسجِدُ قُباءٍ هو أوَّلُ مَكانٍ صلَّى فيه النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عندَ مَقدِمِه إلى المدينةِ.