مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه170
مسند احمد
حدثنا يحيى، عن حميد الخراط، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن، قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، فقلت له: كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ فأخذ كفا من حصى فضرب به الأرض، قال: " هو هذا مسجد المدينة " قال: فقلت له: أشهد (1) لسمعت أباك هكذا يذكره (2)
وفي هذا الحديثِ: يَحكي الصَّحابيُّ الجليلُ أبو سعيدٍ الخدريُّ: أنَّه "امتَرى" مِن المراءِ وهو الجِدالُ أي: تَجادَل واختَلَف، "رجلٌ مِن بني خُدْرَةَ، ورجلٌ مِن بَني عمرِو بنِ عوفٍ" بَنو خُدْرةَ وبَنو عَمرِو بنِ عوفٍ، وهُما قَبيلَتان مِن الأنصارِ، "في المسجِدِ الَّذي أُسِّس على التَّقْوى"، أي: اختَلَف الرَّجُلانِ في المقصودِ بالمسجِدِ المذكورِ في قولِ اللهِ تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108]؛ هل هو مَسجِدُ قُباءٍ أم مَسجدُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟ فقال الخدريُّ: "هو مسجدُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: المقصودُ بالمسجدِ الَّذي أُسِّس على التَّقوى هو مسجدُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وقال الآخَرُ"، أي: الرَّجُلُ الَّذي مِن بَني عمرِو بنِ عوفٍ: "هو مسجِدُ قُباءٍ"، أي: المقصودُ بالمسجدِ الَّذي أُسِّس على التَّقْوى هو مسجِدُ قُباءٍ، "فأتَيا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في ذلك"، أي: فذَهَب الرَّجُلانِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَسْألانِه عن المقصودِ بالمسجدِ الَّذي أُسِّس على التَّقْوى، "فقال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "هو هذا"، أي: هو مَسْجدي هذا الَّذي أُسِّس على التَّقوى- "يَعْني مَسجِدَه"، أي: مسجِدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم- "وفي ذلك خيرٌ كثيرٌ"، أي: وفي مسجدِ قُباءٍ أيضًا خيرٌ كثيرٌ مِن الأجرِ والثَّوابِ والبرَكةِ لِمَن صلَّى فيه، ومَسجِدُ قُباءٍ هو أوَّلُ مَكانٍ صلَّى فيه النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عندَ مَقدِمِه إلى المدينةِ.