‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه189

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه189

حدثنا ابن نمير، أخبرنا عبيد الله، عن صيفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: وجد رجل في منزله حية، فأخذ رمحه فشكها فيه فلم تمت الحية حتى مات الرجل، فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " إن معكم عوامر، فإذا رأيتم منهم شيئا فحرجوا عليه ثلاثا، فإن رأيتموه بعد ذلك فاقتلوه " (1)

الجنُّ أجسامٌ ناريَّةٌ قابلةٌ للتَّشكُّلِ بأشكالٍ مُختلِفةٍ، وهُم مَخلوقاتٌ غيرُ مَنظورةٍ لنا، وقدْ يُرِيها اللهُ مَن شاءَ مِن خَلْقِه، مُكلَّفونَ مِثلَنا، منهم المؤمنونَ والكافرونَ والعُصاةِ، ومنهم الطَّيِّبُ والخبيث.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «أنَّ بالمدينةِ» النَّبويَّةِ «نَفَرًا» وهو مِن الثَّلاثةِ إلى العَشَرةِ «مِن الجِنِّ قدْ أَسْلَمُوا» أي: دَخلوا دِينَ الإسلامِ، «فمَنْ رأَى شيئًا مِن هذه العَوَامِرِ» وهي نَوعٌ مِن الحيَّاتِ الَّتي تَسكُنُ البيوتَ، قيل: سُمِّيَت عَوامِرَ؛ لطُولِ عُمرِها «فَلْيُؤْذِنْه ثلاثًا»، أي: يُعْلِمْه ويَدَعْ له مُدَّةَ ثلاثةِ أيَّامٍ، كما في رِوايةٍ لمسلمٍ، كأنْ يقولَ الَّذي يَرى الحيَّةَ في بَيتِه: أُحرِّجُ عليكِ أيَّتُها الحيَّةُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تَظْهري لنا أو تُؤذِيَنا، فيَطلُبُ منه الخروجَ من البيتِ؛ فلعلَّه مِن الجِنِّ المُسلِمِ، فإنْ لم يَخرُج «فَلْيَقْتُلْهُ؛ فإنَّه شَيطانٌ» وليْس مِن عَوَامِرِ البُيوتِ ولا مِمَّن أَسْلَمَ، ولن يَجْعَلَ اللهُ له سَبيلًا للانتصارِ عليكم بِثَأْرِه، بِخِلافِ العَوَامِرِ ومَن أسْلَمَ، فتُنذَرُ عَوامرُ بُيوتِ المَدينةِ كلِّها، باستِثناءِ ذا الطُّفيتَينِ -وهما خَطَّانِ أبيضانِ على ظَهرِ الحيَّةِ-، والأبترِ -وهو قَصيرُ الذَّيْلِ والذَّنَبِ مِن الحيَّاتِ- فيُقتلانِ دونَ إنذارٍ، كما جاء في الصَّحيحينِ.
وأمَّا في غيرِ المدينةِ؛ فقيلَ: تُنذَرُ، وقيل: تُقتَل فَورًا، وأمَّا الَّتي في الصَّحراءِ فتُقتلُ فورًا.
وفي الحديثِ: الأمرُ بقَتْلِ الحيَّاتِ الَّتِي في البُيوتِ ما لم تَكُن عُمَّارًا أو جِنًّا مُسلِمًا.