مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه230
مسند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا أبي، عن سعيد بن مسروق، عن ابن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان المؤلفة قلوبهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: علقمة بن علاثة الجعفري، والأقرع بن حابس الحنظلي، وزيد الخيل الطائي، وعيينة بن بدر الفزاري، قال: فقدم علي بذهبة من اليمن بتربتها " فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم " (1)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على أنْ يَدخُلَ النَّاسُ جَميعُهم في دِينِ اللهِ، وكان يَدْعو الزُّعَماءَ والمُطاعينَ في أقوامِهِم ويتألَّفُهم؛ رجاءَ أنْ يَدخُلوا في الإسلامِ، ويَدخُلَ معهم أقوامُهم، كما يُبيِّنُ هذا الحَديثُ، فيَرْوي أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "كانَ المُؤلَّفةُ قُلوبُهُم على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربَعةً: عَلقَمةَ بنَ عُلاثةَ الجَعْفَريَّ" وكانَ من أشْرافِ قَومِهِ بتِهامةَ، وَكَانَ حَليمًا عاقِلًا وتُوفِّيَ سَنة 13، وقيلَ 23 هِجْريَّةً "والأقرَعَ بنَ حابِسٍ الحَنْظليَّ"، وهو من ساداتِ العَرَبِ في الجاهِليَّةِ، قدِمَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في وَفدٍ من بَني دارِمٍ (من تَميمٍ) فأسْلَموا، وشَهِدَ حُنَينًا وفتَحَ مكَّةَ والطَّائِفَ، وسكَنَ المدينةَ، ورحَلَ إلى دُومةِ الجَنْدلِ في خِلافةِ أبي بَكرٍ، وكان مع خالِدِ بنِ الوليدِ في أكثَرِ وَقائِعِهِ حتَّى اليَمامةِ، واستُشهِدَ بالجوزجانِ سَنةَ 13 هِجْريَّةً، " وزَيْدَ الخَيلِ الطَّائيَّ" قَدِمَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في وَفدِ طيِّئٍ سَنةَ تِسعٍ، وأسلَمَ، وسمَّاهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَيدَ الخَيرِ، وكانَ شاعِرًا مُحسِنًا خَطيبًا وشُجاعًا كَريمًا، قيلَ: ماتَ زَيدُ الخَيلِ مُنصَرَفِهِ مِن عِندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَحْمومًا، فلمَّا وصَلَ إلى بَلَدِهِ ماتَ، وقيلَ: ماتَ في آخِرِ خِلافةِ عُمَرَ، "وَعُيَيْنةَ بنَ بَدرٍ الفَزاريَّ"، وهو عُيَيْنةُ بنُ حِصْنِ بنِ حُذَيْفةَ بْنِ بَدرٍ الفَزَارِيُّ، من قَيْسِ عَيْلانَ، ويُكنَّى أبا مالِكٍ، وهو سيِّدُ بَني فَزارةَ وفارِسُهُم، وارتدَّ عُيَيْنةُ حينَ ارتدَّتِ العَرَبُ، ولحِقَ بطُلَيْحةَ الأسَدِيِّ حينَ تنبَّأَ فآمَنَ به، فلمَّا هُزِمَ طُلَيْحَةُ أخَذَ خالِدُ بنُ الوليدِ عُيَيْنةَ فأوثَقَهُ وبَعَثَ به إلى الصِّدِّيقِ، فلمَّا كَلَّمَهُ أبو بَكرٍ رجَعَ إلى الإسلامِ فأمَّنَهُ، وقيلَ: تُوفِّيَ سَنة 23 أو 35 هِجْريَّةً.
والمُؤلَّفةُ قُلوبُهُم هُم مَن أسْلَموا بعدَ فَتحِ مكَّةَ، وفي إِسلامِهِم ضَعفٌ، "قال: فقدم عليَّ بذَهَبةٍ من اليَمَنِ بتُربَتِها"، وهي قِطْعةٌ مِن الذَّهَبِ الخامِ لم تُنظَّفْ، ولم تُستخلَصْ من شَوائِبِها وتُرابِها "فقَسَمَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيْنَهم"، وقد كانوا حَديثي عَهدٍ بكُفرٍ، وهُم رُؤوسٌ في أقْوامِهِم، فأرادَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَستَميلَ قُلوبَهُم ويَتألَّفَهُم للإسلامِ، وليُرغِّبَهم فيه.
وفي الحَديثِ: أنَّ العَطاءَ والكَرَمَ رُبَّما يَكونُ مِن أعظَمِ الأساليبِ الَّتي تُرغِّبُ النَّاسَ في قَبولِ الدَّعوةِ .