مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه260
مسند احمد
حدثنا أبو عامر، حدثنا علي يعني ابن المبارك، عن يحيى، قال: حدثني أبو سعيد، مولى المهري، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى لحيان بن (1) هذيل قال: " لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما "ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا، واجعل البركة بركتين " (2)
الجِهادُ في سبيلِ اللهِ ذُروَةُ سَنَامِ الإسلامِ، والنُّصوصُ في بيانِ فَضْلِه وفَضلِ أَهلِه والحثِّ عليه والتَّرغيبِ فيه لا تُحصَى كَثْرَةً.
وفي هذا الحديثِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ إلى بَني لِحيانَ- وكانوا في ذلك الوقتِ كُفَّارًا- بعثًا، أي: قِطعةً مِنَ الجيشِ ليُقاتِلَهم، فأَمَرَ ذلك البَعثَ أن يَخرُجَ من كلِّ رَجُلين رَجُلٌ، وقَولُه: أَيُّكم خَلَفَ الخارجَ في أهلِه ومالِه بخيرٍ كان له مِثلُ نِصفِ أَجْرِ الخارجِ، يَعنِي أَنَّهما شَريكانِ في الأَجرِ.
وقَولُه: (لِيخرُجْ) فيه الحضُّ على الجِهادِ والغَزْوِ والأَمْرُ به.
وفي الحديثِ: ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن رِعايَةِ أُمورِ أصحابِه والرِّفقِ بهم، وأنَّه لم يُكلِّفْ طائفةً بالغَزْوِ ثُمَّ تَرَكَ الآخرين هَمْلًا، بل جَعَلَ القاعدَ مُشاركًا في أجرِ المُجاهدِ إذا قام بواجبِ رِعايةِ أهلِ الغازي وأَولادِه ومالِه بخَيرٍ، فيَصونُ القاعدُ مَن غَزا في عِرضِه ومالِه، ويَقومُ على قَضاءِ حَوائجِهم والكِفايَةِ لهم.
وفيه فَضْلُ مَن خَلَفَ غَازيًا في سبيلِ اللهِ بخَيرٍ.
وفيه: الحضُّ على فِعلِ الخيرِ، وفيه مِنَ الفَوائدِ الدَّلالَةُ على العَملِ الصَّالحِ.
وفيه: التَّعاونُ على الجِهادِ والمُشاركَةِ فيه بتَجهيزِ الغُزاةِ، وأنَّ مَن خَلَفَ المجاهِدَ بخَيرٍ فهو شَريكُه في الأَجْرِ.