مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه29
مسند احمد
حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق إذا رآه، أو شهده أو سمعه " قال: وقال (1) أبو سعيد: وددت أني لم أسمعه (2)
قَولُ كَلمةِ الحَقِّ والصَّدعُ بها خَصلةٌ عَظيمةٌ طَيِّبةٌ لمَن استَطاعَ ذلك؛ لأنَّ قَولَها في الغالِبِ قد يُلحِقُ بالإنسانِ الأذى أو التَّلَفَ في النَّفسِ أو المالِ، لا سيَّما إذا كان قَولُها أمامَ مَن له مَكانةٌ وجاهٌ؛ ولهذا جاءَ هذا الحَديثُ على أنَّ العَزيمةَ في الصَّدعِ بكَلمةِ الحَقِّ، وأنَّه لا يَنبَغي للمَرءِ أن يهابَ النَّاسَ لعَظَمَتِهم أو مَخافتِهم، بل يَتَكَلَّمُ بالحَقِّ الذي رَآه أو شاهَدَه بعَينِه، أو سَمِعَه بأذُنَيه، فيَكونُ أدَّى ما عليه، وأن يَكونَ اللهُ تعالى أحَقَّ بأن يُهابَ من النَّاسِ، ولمَّا كان هذا الأمرُ صعبًا على النُّفوسِ تَمَنَّى أبو سَعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه لم يَكُنْ سَمِعَ هذا الحَديثَ؛ لعَدَمِ تَكليفِه بمُقتَضاه لمَشَقَّةِ العَمَلِ به، أمَا وقد سَمِعَه فالعَمَلُ به لازِمٌ، وجاءَ عنه أنَّه قال: قد واللَّهِ رَأينا أشياءَ فهِبْنا أن نَتَكَلَّمَ فيه ونُغَيِّرَه، وكَذا أبو نَضرةَ، وهو المُنذِرُ بنُ مالِكٍ تَمَنَّى ذلك.
وفي الحَديثِ: أنَّ على الإنسانِ قَولَ كَلِمةِ الحَقِّ ولا يَخافُ أحدًا مَهما كان الأمرُ .