مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه297
مسند احمد
حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا شيبان، عن فراس، عن عطية، عن أبي سعيد، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال (4) : " من كذب علي متعمدا، فإن له بيتا في النار " (5)
في هذا الحديثِ يُحذِّرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الكَذِبِ عليه، وأنْ يُنسَبَ إليه أيُّ حديثٍ لم يَصدُرْ عنه، وأنْ يُخبَرَ عنه بخِلافِ الواقعِ، فلا يُقالُ: قال، أو فعَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا لم يقُلْه أو لم يَفعَلْه، سواءٌ كان ذلك في الخيرِ أو الشَّرِّ، بسُوءِ نيَّةٍ أو بحُسنِ نيَّةٍ؛ فالنَّهيُ عامٌّ ومُطلَقٌ في كلِّ كاذبٍ؛ لأنَّ الكذِبَ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَشتمِلُ على تَبديلِ الشَّرعِ، وتَقلُّبِ الأحكامِ، وجَزاءُ مَن يَكذِبُ عليه متعمِّدًا دُخولُ النَّارِ، ومتى صدَرَ الأمرُ الإِلهيُّ بشَيءٍ فهو واجبُ الوقوعِ، نافذُ المفعولِ لا مَحالةَ، وهذا إنذارٌ شَديدٌ وتَهديدٌ غَليظٌ لمَن كذَبَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقيل: لا فرْقَ بيْن كذِبٍ عليه وكذِبٍ له؛ لأنَّ معْنى «كذَبَ عليه» نِسبةُ الكلامِ إليه كاذبًا، سواءٌ كان عليه أو له، والكذِبُ على اللهِ داخلٌ تحتَ الكذِبِ على الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إذ المرادُ مِن الكذِبِ عليه الكذِبُ في أحكامِ الدِّينِ.
وفي الحديثِ: دَليلٌ على تَعظيمِ حُرمةِ الكذبِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: أنَّ مَن روَى حَديثًا وعلِمَ أو ظَنَّ أنَّه مَوضوعٌ، فهو داخلٌ في هذا الوعيدِ إذا لم يُبيِّنْ حالَ رُواتِه وضَعْفَهم، ويُشبِهُه الذي يُكذِّبُ الحديثَ الصَّحيحَ الواردَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دونَ عِلمٍ ومَعرفةٍ بعِلمِ الحديثِ، أو أنْ يكونَ مَنشَأُ هذا التَّكذيبِ عِنادًا للشَّريعةِ وأحكامِها.